![]()
تنكشف قصص وحكايات السوريين يومًا بعد آخر، لتوضّح حجم جرائم نظام الأسد وميليشياته بحق شعب لم يُطالب بسِوى عيشة كريمة، فكان الرد عليه انتقامًا بأقصى أنواع العذاب.
مُفيد أشرف، نموذجٌ وأحد قصص السوريين المؤلمة؛ حيث اعتقله نظام الأسد مع إخواته وأبيه المُسن، بتهمة التظاهر ضد الدولة في عام 2011، مع اندلاع شرارة الثورة.
يروي "مفيد" قصته متحدثًا كيف دخل إلى معتقلات نظام الأسد شابًّا سليمًا، وكيف خرج منها عاجزًا مشلولًا لا يستطيع أن يحرك سوى رأسه وعينيه، ولسانه الثقيل.
يبدأ "مفيد" حديثه لـ"شبكة الدرر الشامية" عن مأساته، قائلًا: "أنا اعتقلت في ١٥ /٧/ ٢٠١١، بفرع أمن الدولة بالشام أنا وأبي وأخوتي، ووضعوني بزنزانة منفردة وجاء 10 عساكر وقاموا بضربي وتعذيبي".
وأضاف: "بعدها أتى دكتور حتى يشوف وضعي، وقام بضربي بقدمه على جسدي، ويصفعني بيديه على وجهي، وبعدها قام بنخز إبر في ركب قدمي، وقال للعسكري هلق بيصحى".
وتابع "مفيد" حديثه وعيناه تزرفان الدموع: "عندما قام بنخزي بالإبر، افترخت وفقدت الوعي من شدة الألم، وتركوني لوحدي في المنفردة حتى بلعت لساني".
وأكمل المعتقل السابق بسجون النظام: "وبعدها نقلوني إلى المشفى وقاموا بتسليمي لأهلي على أنني قد فارقت الحياة، وبعد أن استلمني أهلي قاموا بنقلي إلى مشفى آخر لمعالجتي".
واستدرك "مفيد"، حديثه، بقول: "إلا أن الإبر التي نخزوني فيها كانت قد أخذت مفعولها، وأصبحت بعدها مشلولًا لا أستطيع إلا أن أحرك رأسي، وحاول أهلي علاجي إلا أن الأوضاع لم تسمح لهم".
وختم "مفيد" حديثه وهو يغالبه الألم: "كما ترى عينك لي ٦ سنوات على هذه الحالة، الغانم يأتي يصور ويذهب بعدها، وأبقى أعيش آلامي أنا وزوجتي وأطفالي الصغار وأهلي المُثْقلين بحالتي".
وفي ذات السياق، قال والد مفيد "أبو خالد" لـ"الدرر": "قام نظام الأسد بتعذيب (مفيد) بشتى أنواع العذاب، وقاموا بعدها بإعطائه إبر -يُعتقد أنها إبر أعصاب- في ركب أقدامه، ما سبب له شللًا كاملًا".
وأكمل "أبو خالد" في وصف حالة ابنه: "(مفيد) متزوج ولديه طفلة وطفل، مقعد لا يقوى على الحركة أبدًا، حتى أن نطقه ضعيف جدًا، يعاني من تكلس وتضخم في أقدامه ويديه، بالإضافة إلى جروح وقروح والتهابات".
وعن معاناتهم في سنوات الثورة، لفت إلى أنهم هربوا "من مدينتنا حمص إلى جنوب دمشق لنبقى محاصرين هناك نأكل لحم القطط والكلاب من شدة الجوع عدة سنوات، حتى انتهى بنا المطاف إلى الشمال السوري، في مخيم دير بلوط بريف عفرين، وبعدها انتقلنا لنعيش بريف إدلب الشمالي في منزل بالإيجار أنا وأولادي وعوائلهم".
وختم "أبو خالد" حديثه، والدمعة الحزينة تزيد من غُصّته، بقوله: "(مفيد) بحاجة إلى من يتبناه ليستطيع الخروج خارج سوريا للعلاج لدى أخصائيي أعصاب وعظم، وكذلك الأمر يحتاج من يتكفل برعاية عائلته".
لم تكن القصص التي يسمعها البعض ضربًا من الخيال وكثيرة هي تلك الروايات التي تُحرك المشاعر للحظات ثم تذهب مع الزفرات أدراج الرياح، وتبقى معاناة أبطال الرواية شبه حياة يعيشونها يوميًّا لحظات من الأسى والعجز بين أبنائهم وأهلهم، لا تفتر ولا تنسى، كيف ذاك وهي واقع مُعاش