Quantcast
Channel: حكايات من سوريا –سوريتي
Viewing all 773 articles
Browse latest View live

سوري في لبنان: الروشة والطائفية وموتور الكهرباء / قتيبة الحاج علي / الأشخاص الذين ساعدوني جلّهم من الشّيعة المؤيدين للثورة السورية

$
0
0
يستغرق الطريق في المعتاد أربع ساعات بالسيارة. لكن طريقي، كان فيه ثلاثة مهربين وسيارتين وقليلٌ من السير على الأقدام، ورحلة ممتدة على يومين. لن أدخل في دهاليزها، لكنها كانت كما وُصفت لي بالضبط، فـ"المُهَرِّبُون" هنا أصحاب "كار" (مهنة)، منعدمو الأخلاق وتجارٌ للبشر والدم. لكنهم كما رددوا على مسامعي كثيرًا: "صادقون مع زبائنهم". جسر الكولا بعد الوصول إلى أول بلدة لبنانية، اشتريت رقمًا لبنانيًا لهاتفي على الفور. علمت لاحقًا أن البائع قد استغل جهلي، وباعني إياه بـ20 دولار زيادة على ثمنه الحقيقي. لم تكن الرحلة قد انتهت. فالاتفاق أن أصل إلى "جسر الكولا" في بيروت. بدأت إجراء بعض الاتصالات عبر الانترنت إلى درعا. أريد أن اطمئنهم أنني خرجت من سوريا، و"رحلة الموت" هذه قد شارفت على نهايتها. ساعات قليلة داخل الأراضي اللبنانية وبين طرقها الجبلية، ووصلت بعدها إلى "جسر الكولا"، أو كما قال المُهرب مستهزئًا: "هذا جسر الرئيس، نسخة بيروت"، مُشيرًا إلى "جسر حافظ الأسد" في وسط دمشق، أو ربما كان يريد القول: "عليك ألا تنسى أن الأسد موجودٌ هنا أيضًا". تملكني هذا الاسم لاحقًا، حتى أنني أخطأت يومًا، وطلبت من أحد سائقي التاكسي أن يقلني إلى "جسر الرئيس". أَبْلغنا الوسيط في درعا بانتهاء "الصفقة"، ليُسلّم المبلغ إلى الطرف الآخر. غادرت السيارة ونطق لساني بكلمة "شكرًا" بصعوبة بالغة. حددت مكاني من خلال الخريطة، واتجهت إلى الغرفة، التي تكفل أحد الأصدقاء باستئجارها بالنيابة عني. وصلت إلى العنوان المطلوب، الذي لا يبعد كثيرًا عن "جسر الكولا". لم يكن معي إلا حقيبة صغيرة من الأغراض، جلست قليلًا ثم تنفست الصعداء، قبل أن "تذهب السكرة وتأتي الفكرة"، لأدرك أن هذا كان آخر عهدي بسوريا، التي لا أظن أنني سأعود إليها قريبًا. أنا وحيد في مكان لم آلفه وبين أناس لا أعرفهم. كان يجب أن أشعر بالسعادة و"الانتصار". فقد خرجت سالمًا من بين أيدي النظام. لكن مشاعر الصدمة والانهيار النفسي كانت قد احتلتني بالكامل. الـ"نحن" و"هم" ثلاثة أشخاص فقط في لبنان، كانوا على علم بتفاصيل ما حدث معي في درعا. أطلعتهم على نيتي بالقدوم إلى بيروت في وقت سابق. لكن لم أحدد لهم موعد الوصول، والذي بالكاد كنت أعرفه. كنت مترددًا بالاتصال بهم. جميعهم من العاملين في المجال الإعلامي والحقوقي في بيروت، والذين تعرفت عليهم أثناء عملي داخل درعا. كنت واثقًا من تأييدهم للثورة وبأنني لن "أُغدر" من جانبهم، لكني كنت أخشى أن "أورطهم" بقصتي. تشجعت بالاتصال بالشخص الأول، إعلامية مرموقة تعمل في مؤسسة إعلامية معروفة، بعد الترحيب والتهنئة بالسلامة، سألتني: "في أي منطقة تقيم الآن؟" أجبتها: "لا أعلم، سأرسل لك العنوان على الخريطة، لكن كل ما أعرفه أن اسمها ليس الضاحية الجنوبية"، هناك حيث حزب الله الشريك في جريمة اقتلاعي من أرضي. كان هذا كل ما أعرفه عن بيروت: يجب ألا أتواجد في الضاحية الجنوبية أو بالقرب منها، بيروت مختزلة لديّ ولدى كثيرٍ من السوريين بـ"الضاحية" والـ"لا ضاحية"، قبل أن أدرك لاحقًا أنها أكثر تعقيدًا من ذلك. علمت فيما بعد، أني مقيم في "طريق الجديدة"، فكان ردّها: "ممتاز.. معناها أنت في مناطقنا". لأكتشف أن في بيروت هناك "مناطقنا" وهناك "مناطقهم". لم تكن هناك حاجة للتعريف بالمقصود بـ"نحن" و"هم". فهذا الأمر بديهي في قاموس ناشط إعلامي مثلي هارب من بطش نظام الأسد إلى بيروت، التي تملك تاريخًا طويلًا جدًا معه، ومعقدًا بما فيه الكفاية ليكون فيها "نحن" و"هم". يد المساعدة أغلقتُ الهاتف، ثم أعادت الاتصال بعد دقائق: "علينا أن نجد حلًا لموضوع الإقامة". لا أعلم كيف سنجد حلًا لهذا الملف، فالمنظمات الحقوقية على مستوى العالم ملّت من محاولات إقناع الحكومة اللبنانية أن تساعد اللاجئين في الحصول على الأوراق الرسمية. أعادت الاتصال مجددًا بعد دقائق: " لقد تحدثت مع فلان، شخص لديه نفوذ هنا، وعدني بتقديم المساعدة". الدرس الأول الذي تعلمته في بيروت: أنت بحاجة إلى "أصحاب النفوذ" في كل مكان. اتصال جديد بعدها بدقائق قليلة: "من الأفضل أن نبدأ التحدث مع السفارات الأوروبية للحصول على لجوء هناك"، الدرس الثاني: لا مستقبل هنا. هكذا أمضيت الليلة الأولى في بيروت، أطلع على قائمة فيها الكثير من "اللازم"، الواجب، عليّ القيام به حتى أستطيع الحياة هنا. أما إذا أردت السفر فأنت أمام "المهمة المستحيلة". فالسوري ليس مرحبًا به في أي مكان في هذا العالم، ولا حتى في سوريا. في اليوم التالي كان اللقاء الأول بهذه الإعلامية. الكاميرا، والعمل في تغطية الشأن السياسي والعسكري، يخفيان الكثير من الملامح الإنسانية. كنت أخشى أن أكون "قصة" بالنسبة لها، لكنها كانت مؤمنة بقضيتي جدًا، وتعرف تمامًا معنى أنت تكون مهددًا بالموت لأنك إعلامي فقط. قدمت لي الكثير من المساعدة الإنسانية والقانونية والمجتمعية، كانت أكثر بكثير من مؤمنة بالقضية وباحثة عن تقديم المساعدة، كنت أستشعر أنها تتصرف بمنطلق إنساني وأخلاقي. ربما كانت تشعر أنها تحملت عبء المسؤولية التي ألقيتها عليّها، منذ أبلغتها بتفاصيل ما يحدث معي في درعا، وبحثي عن المساعدة في بيروت. سياحة قسرية عندما تكون حديث العهد ببيروت فأنت بحاجة إلى الكثير من المساعدة. بدأت شبكة علاقاتي بالمجتمع الإعلامي والحقوقي تتوسع بعض الشيء، كنت "قصة" بالنسبة إلى بعضهم. وفي الحقيقة، لم أمانع في هذا كثيرًا. أعلم معنى أن تكون أمام هارب من قلب المعركة، ويحمل في ذاكرته ودفاتره الكثير عنها. سواء كنت إعلاميًا أو حقوقيًا أو مؤرخًا، عليك "استغلال الفرصة". بدأت التعرف على ملامح بيروت، التقيت بـ "التاكسي - السرفيس"، الذي أصبح لاحقًا جزءًا من حياتي اليومية، طبعًا كما شرائي للرقم اللبناني الذي كان لا بد بالبداية من بعض الاستغلال ودفع مبالغ إضافية. تعرفت إلى العُمْلَة، وأيقنت سريعًا أن عليّ التوقف عن مقارنة القيمة الشرائية لليرة اللبنانية بنظيرتها السورية، كلاهما منهارٌ ومنهوب. لم أستغرق الكثير من الوقت، لأفهم أن حلّ مشكلة الكهرباء وإنهاء ظاهرة "اشتراك الموتور" تبدأ عند السياسيين المتقاسمين لثروات لبنان. الأيام تتبعها الأيام، أصبحت آلف بيروت وأصبحت بيروت تألفني، زرّت "صخرة الروشة" مرتين. ومن حق اللبنانيين التباهي بجمالها، فهي كذلك فعلًا، بدأت أتشجع للخروج من "مناطقنا" والتجول بين الأحياء البيروتية التي تشبه دمشق كثيرًا، حتى ذاك الجبل يُذكرني بقاسيون، لكنه بلا مدافع وراجمات للصواريخ. اعتدت الكثير من تفاصيل بيروت، إلا المياه، ما زلت عاجزاً عن التأقلم مع المياه المعدنية المعبئة. هي ليست مشكلة بيروت بقدر ما هي مشكلتي. عندما تأتي من منطقة تشتهر بعذابة مياهها على مستوى العالم فهذه مشكلتك أنت فعلًا. الدرس الثالث: بيروت ليست درعا، في الواقع ليس أي مكان في هذا العالم هو درعا. لذلك توقف عن المقارنة إذا أردت الاستمرار في الحياة، من دون أن تموت مقتولًا بحسرتك وغربتك. دروس لبنانية كنت سعيدًا جدًا بـ "المحيط الإعلامي" الذي أتواجد فيه، المؤيد للثورة السورية بطبيعة الحال. ترسخ لديّ انطباع بأن لبنان يمتلك حرية إعلامية يحسده عليها الكثير من الشعوب العربية. لدى اللبنانيين مجتمع إعلامي لا يقل سلطة ولا نفوذاً ولا تأثيراً عمّا يملكه السّاسة. بدأت أتابع القضايا اللبنانية أكثر، واكبت تشكيل الحكومة الجديدة، ورصدت ردود الفعل على الزوبعة التي أحدثتها قضية الزواج المدني. يا إلهي كم أن هذا الشعب "رهينة" لصراعات السياسيين ونفوذهم. هذا الشعب "منهوبٌ" في لقمة عيشه وفي خيرات بلاده. هذا الشعب "منحورٌ" طائفيًا بشكل غريب. تنتهي حالة الاستغراب عندما أتذكر أن الشعب السوري ليس أفضل حالًا. لن أكذب.. لم تفارق ذهني فكرة أن عليّ البقاء داخل "محيطي السّني". يجب أن أتجنب الاختلاط بغيره فـ"جانبهم غير مأمون". الانقسام الطائفي الحاد في لبنان يسيطر على كافة مفاصل الدولة والمجتمع. الشّيعة يمثلهم حسن نصر الله الشريك في الجريمة السورية، والمسيحيون يمثلهم عون وصهره اللذان "يعانيان من رُهاب اللاجئين السوريين"، أما السّنة فزعيمهم سعد الحريري الْمُوَالِي للثورة. هكذا كان التقسيم الطائفي في رأسي، ساذج للغاية مقارنة بالحقيقة. خطاب السّاسة الطائفيين المترسخ في لبنان، يعكس عن أهله غير حقيقتهم. من الظلم أن ننحاز إلى الأحكام المُسبّقة المبنية على الطائفة فقط. اكتشفت بعد أسابيع في بيروت، أن الأشخاص الذين ساعدوني جلّهم من الشّيعة المؤيدين للثورة السورية. الدرس الرابع: ليس كلُّ الشّيعة حزب الله، هناك فئة غلبت إنسانيتها وأخلاقها ومواطنتها على طائفيتها بكثير. الذهاب إلى "العودة" ولأنني على بعد بضع عشرات الكيلومترات من سوريا، فقد كانت الأفكار المجنونة تتسرب إلى رأسي كثيرًا. فكرت بالعودة إلى درعا مرات عديدة. طريق التهريب سالك بالاتجاهين. كان لعودة بعض النشاط الثوري، وخروج تظاهرات عدّة في درعا، أثرًا قاسيًا على نفسي أكثر مما ظننت. شعرت بالعجز وأنا أتابع الأحداث من بعيد. سأغادر بيروت قريبًا، لا أعرف إلى أين وكيف ومتى، لكنني سأفعل. بيروت احتضنتني عندما هربت من الموت، منحتني عائلة وأصدقاء وتجربة إعلامية وحقوقية لن أنساها. لكن بيروت مدينة "محتلة"، الطبقة الحاكمة لا تشبه هذا الشعب أبدًا. أبلغوني أنه عندما تغادر لبنان ستُوضع على قوائم "ممنوع من العودة". لكنني مؤمن أنني سأعود إلى بيروت، سأعود عندما تُقتلع شجرة الرعب المزروعة في دمشق وتُبصر بيروت النور. وقتها سأسلك "طريق الموت" الذي هربت فيه، لكن هذه المرة سيكون الطريق من بيروت إلى درعا. (انتهى)

أطفال المدارس الذين أشعلوا الثورة في سوريا

$
0
0
في 20 مارس/ آذار من العام الماضي، أحضر أحد ضباط المخابرات في دمشق مجموعة من المراهقين من درعا وقال لهم: “لقد أسأتم الاحترام للرئيس لكنه قرر العفو عنكم”. فوجئ الأولاد، فقد تم حجزهم من قبل السلطات لأكثر من شهر، وبشير أبازيد الذي كان في 15 من عمره في ذلك الوقت لم يستطع أن يصدق ما سمعه، لأنه في كل مرة كان يقال للأولاد بأنه سيتم الإفراج عنهم، إلا أنهم كانوا ينقلون إلى فرع مخابرات آخر. وبشكل ملحوظ تم إعادة المراهقين إلى درعا في ذلك اليوم. “لقد كنا مذعورين طوال الطريق إلى المنزل”، يتذكر بشير. عندما اقتربوا من المدينة وتوجهوا إلى المركزالرئيسي لحزب البعث، شاهدوا منظراً لم يعرفوه إلا في التلفاز. لقد شاهدوا حشوداً متراصة في الشوارع. “اعتقدت أنهم يحضرون الساحة لإعدامنا”، يقول. “امتلأت أعيننا بالدموع عندما وصلنا إلى الساحة. أمرنا الضباط بإسدال الستائر في الباص. وهذا ما جعلنا أكثر خوفاً. انتشر الخبر بين الناس بأننا داخل الحافلة، فأحاطوه. وعندها فتحنا النوافذ رأيت إخوتي وأعمامي. كانت أمي تبكي. فقفزت من النافذة”. أحد إخوة بشير احتضنه وقال باكياً: “هل ترى كل هؤلاء؟ لقد أتوا من أجلكم”. تقدم المتظاهرين نحو المسجد العمري، مارس 2012. درعا، المدينة السورية الجنوبية بقيت تحت الحصار من قبل قوات بشار الأسد منذ أبريل/ نيسان العام الماضي. فقد حاصرت الدبابات المنطقة وتم فرض حظر تجول صارم هناك. واحتلت القناصة أسطح معظم المباني العالية. وتم قطع الطرق الرئيسية فيها من خلال نقاط التفتيش. وعلى الرغم من ذلك استمرت المظاهرات بالخروج يومياً مؤكدة على تفاني درعا للثورة التي أشعلتها منذ عام. عندما بدأت الاحتجاجات بالانتشار في تونس ومصر. قام القليل من النشطاء بمناقشة كيفية وصول الربيع العربي إلى سوريا. بعض المثقفين من كبار العمر رأوا أنه من السابق لأوانه التفكير في الانتفاضة على أرض الوطن. إلا أن الشباب قالوا بأن هذه هي فرصتهم الوحيدة لاستغلال الأحداث الجارية في المنطقة. أحد هؤلاء النشطاء هو محمد مسالمة. عامل بناء في درعا ويوافق على فكرة أنه يجب استغلال اللحظة. محمد والذي تم احتجازه في فرع المخابرات الجوية في المزة في دمشق لمدة أربعة أشهر قبل بدء الثورة، كان يعلم أن أربعة عقود من العيش في ظل نظام قمعي كافية لتأتي بالتغيير في سوريا. في الوقت الذي كان النشطاء يناقشون النظريات قام بشير وأصدقاؤه التلاميذ باستغلال الفرصة. ففي السادس عشر من فبراير/ شباط 2011 قاموا بكتابة الهتافات الشهيرة والتي رأوها على القنوات الفضائية على جدار مدرستهم مثل “الشعب يريد إسقاط النظام” و”إجاك الدور يا دكتور” و”ارحل”. وفي اللمسة الأخيرة لعملهم الشجاع والساذج قام كل منهم بالتوقيع باسمه على كل عبارة “مع تحيات، بشير أو عيسى أو نايف أبازيد”. يقول مسالمة إنه من حي عربين في درعا، وهو مقابل تماماً لمدرسة عربين، والتي لا تزال جدرانها مغطاة ببقع سوداء لتخفي الكلمات التي أشعلت الثورة. وعلى بعد مئتي متر منها فقط تقبع نقطة تفتيش أمنية. وكالكثير من السوريين في ظل الانتفاضة فهو محاطٌ بإشارات الإلهام والقمع معاً. نايف، وهو في الصف الثامن تم اعتقاله من قبل قوات الأمن في اليوم التالي. وبعد تعذيبه هناك اعترف وقام بتسليم أسماء المتآمرين معه. ومع هذه المعلومات قامت الشرطة بالبحث متنقلة من منزل لآخر مع تهديد الأهالي لتسليم أبنائهم. وبعد عدة أيام قام الأولاد بتسليم أنفسهم بعد أن أكدوا لهم بأنه لن يلحقهم أي أذى. ولكنهم اختفوا بعد ذلك. حاول الأهل كثيراً معرفة ما حصل لأبنائهم. وفي 26 فبراير/ شباط ذهب بعض الآباء ممن ينحدرون من أبرز الأسر العشائرية في درعا إلى فرع المخابرات السياسية وتوسلوا إليهم للإفراج عن أبنائهم. ولكن ووفقاً لما نقله الأهالي فإن عاطف نجيب، وهو رئيس الفرع وابن خالة بشار الأسد، التقى بالأهالي وأخبر الرجال بأن ينسوا أبناءهم وأن يذهبوا إلى نسائهم ليأتوا بأولاد جدد، وذلك قبل أن يزيد الطين بلة مع هذه الكلمات المقرفة: “وإذا كنتم لا تستطيعون إنجاب الأطفال بأنفسكم فأرسلوا لنا زوجاتكم ونحن سنتكفل بالأمر”. عاد الرجال إلى منازلهم مهزومين ومذلولين، وقد امتلأوا بالغضب. قدوم المتظاهرين من "الوادي" للمشاركة في المظاهرات، 18 مارس 2012. وبعد ذلك بقليل قال خالد مسالمة وهو محامي وناشط في حقوق الإنسان للحركة السرية في درعا بأن هناك مظاهرة يتم الإعداد لها في دمشق من قبل نشطاء المعارضة في 15 من آذار. هذه المظاهرة ستطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين. وقد قرر الرجال التظاهر دعماً لهم أمام القصر العدلي. وصل حوالي 30 ناشطاً إلى القصر العدلي في درعا في 15 مارس، ووجدوا خالد واقفاً أمام المبنى. تظاهروا بأنهم متفرقون بينما جالت قوات الأمن فيما بينهم بانتظار أية حركة مريبة قد تبدأ. يتذكر محمد مسالمة هذه الحادثة جيداً “أردنا أن نصرخ حرية إلا أننا لم نستطع. خالد لم ينطق أيضاً بحرف، ولكن قوات الأمن استطاعت أن تعرف من كنا”. وفي تلك الليلة اجتمعوا جميعاً في منزل منعزل يعود لعلي مسالمة، أبو حسين، وهو عضو بارز في المعارضة. يتذكر محمد إحدى محادثاتهم “لا يمكننا التظاهر في يوم عمل”، بعضهم اعترض على الاقتراح بحجة أن التظاهر خلال الأسبوع عندما تكون الشوارع مزدحمة قد يضمن انضمام الآخرين إليها. فأجاب الناشط “وماذا لو لم ينضموا؟ ستقبض علينا قوى الأمن جميعاً”. قرروا إعادة المحاولة يوم الجمعة. وقد نشروا الخبر بأن مظاهرة ستنطلق من المسجد العمري، ولكن تم الاتفاق سراً على أن مجموعة أساسية مكونة من 30 رجل ستخرج أيضاً من مسجد الحمزة والعباس القريب. هذان المسجدان يقعان في منطقة تسكنها أغلبية من أبرز الأسر العشائرية البارزة في درعا. المنطق يقول: إن حصل لأحدهم شيء، فإنهم سيحاطون بسرعة بأهاليهم وأقاربهم والذين سيدافعون عنهم ضد قوى الأمن. في ذلك اليوم أخبر إمام مسجد الحمزة والعباس الشباب بأنه لن يسمح لأحد بقيادة مظاهرة من مسجده. ولكنهم طمأنوه بأنهم لن يفعلوا ذلك. يقول مسالمة: “وقف الرجال قبل انتهاء الصلاة. لم يركزوا على الصلاة في ذلك اليوم. وقف الآباء الكبار في الصف الخلفي على أمل أن يمسكوا بأبنائهم ويوقفوهم قبل أن يخرجوا”. توجه علي مسالمة باتجاه الباب وصرخ “الله أكبر، الله أكبر، حرية، كرامة”، فانضم أبناء عمومته له سريعاً. ثم انضم طبيب ومهندس ولحقهم الجميع. علي مسالمة الذي كسر صمت درعا تم اغتياله في 23 فبراير 2012 أثناء مداهمة منزله. مشت المجموعة باتجاه المسجد العمري وقد انضم إليهم حوالي 25 رجلاً آخر. كانت قوى الأمن تملأ المكان كما لو أنه تم إخبارهم بمخطط النشطاء. ولكن لأن الجميع كان يغادر المسجد نفسه اعتقدوا أن آلاف الأشخاص انضمت إلى المظاهرة. أتى قائد الشرطة للتفاوض: “ماذا تريدون؟” فهتفوا: “نريد أولادنا المعتقلين”، فأجابهم: “سنطلق سراحهم”، فردوا عليه: “كاذبون، كاذبون”. ثم أخذوا يهتفون للنشطاء الذين اعتقلوا في 16من مارس/ آذار من أمام وزارة الداخلية وسط دمشق، مثل دانا الجوابرة وسهير الأتاسي بالإضافة إلى الهتاف بأسماء أولادهم أيضاً. عندما لم تستطع الشرطة تفريق الحشود وصل عاطف نجيب بمرافقة 300 شخص مسلح إلى مكان الحدث. فقام أحمد الرشيد مسالمة وهو متظاهر جريء برميهم بالحجر، ففتحت السلطات النيران مباشرة. قُتل أحمد في الشهر التالي. محمود جوابرة، وحسام عبد الوالي عياش والذي كان يقيم سابقاً في الإمارات العربية المتحدة، كانا أول الشهداء في الثورة السورية. العديد غيرهم أصيبوا. أحدهم فقد عينه وآخر فقد بعض أصابعه. لم يتوقع أحد أن يواجه مثل هذا النوع من العنف. في اليوم التالي بدأ الرجال في درعا بالتحضير لجنازة الشهيدين. تم تهديد أحد أقارب عائلة الجوابرة من قبل حزب البعث لإبقاء مراسم الجنازة تحت السيطرة، وقد نصحهم بالهدوء لكن الرجال رفضوا. بالمقابل صرخوا “الخاين يلي بيقتل شعبو”، هذا الهتاف الذي سيحور فيما بعد إلى الهتاف الشائع “يلي بيقتل شعبو خاين”، كما هتفوا “يا ماهر يا جبان خود جنودك عالجولان”، و”الموت ولا المذلة”، عندما كان مسالمة يصدح بالهتافات كان يغنيهم تقريباً فيقول: “نحن لا نريد أي شيء إلا كرامتنا”. دفن الشابان فيما يسمى الآن بمقبرة الشهداء. بعد الجنازة بدأت حلقة الثورة من التظاهر والعنف ثم التشييع. إنها حلقة لم تكسر إلى يومنا هذا. بعد عام من اعتقال الأولاد، أصبح بالإمكان رؤية الشعارات المناهضة للنظام على جدران المدارس الأخرى في درعا. قام النشطاء فيما بعد بتصوير المظاهرات والتشييع والقتلى. لقد نظموا أنفسهم تبعاً لمهاراتهم. وقد أدركوا سريعاُ بأن نشطاء الإعلام والتقانة يجب أن يظلوا بالخفاء من أجل حمايتهم. مسالمة هو أحد هؤلاء النشطاء. يقول: “لم أستخدم الحاسوب سابقاً عدا برنامج AutoCAD من أجل عملي، ولم يكن لدي فكرة عن الفيسبوك أو سكايب”. حصل على كاميرا وهاتف جوال، وبدأ بإرسال أقراص محمولة تحتوي على المواد إلى دمشق وعمان ليتم رفعها. ثم بدأوا بعرضها بأنفسهم. “لقد بدأنا بغرفة عمليات”، يقول “كل يوم كنا نذهب إلى الوادي (الذي يصل بين درعا والمحطة) لنصور المظاهرات والقتلى ومن ثم نعود بالأفلام المصورة.”لقد جهزوا الغرفة بأجهزة محمول أردنية، وشرائح هاتفية، وحواسب محمولة، وبطاريات لدعم البث المباشر عندما تنقطع الكهرباء. منظمو المظاهرات جهزوا اللافتات ورسموا مخطط المدينة ووزعوا المصورين على نقاط محددة. كل هذا العمل لم يكن ليتم بدون تضحيات، فالرجال في درعا يقومون بهذا رغم بعدهم عن منازلهم وزوجاتهم وعائلاتهم لعدة أشهر. كانوا يتنقلون من منزل آمن إلى غيره. شكّلوا أخوية جديدة من نشطاء من كافة المدن وأحياناً من مختلف أنحاء العالم، وكان عليهم الاعتماد على الثقة فيما بينهم. وهي حاسة من الحواس التي قُتلت منذ عقود من القمع في المجتمع السوري. في الوقت الذي تم فيه الإفراج عن أول دفعة من الأولاد المعتقلين في 20 مارس/ آذار، كان بشير قد مكث شهراً في السجن. بعد أن سلم نفسه تم نقله مع الآخرين إلى فرع المخابرات العسكرية في السويداء. يقول بشير عن الوقت الذي أمضاه هناك “كانت خمسة أيام من الضرب غير المعقول”، عندما وصل إلى هناك جرّدوه من ثيابه ووضعوه في زنزانة منعزلة، وعندما نادوه للاستجواب سمحوا له بارتداء بعض من ثيابه، ولكن لم يسمح له بارتداء الجاكيت أو أي شيء له سحاب، وكذلك الأمر بالنسبة لرباط الحذاء لأنهم “يخشون بأن يقوم أحدهم بشنق نفسه”. كان الأولاد عرضة للعديد من الأساليب الوحشية المعتادة في التحقيق. فقد ضربوا بالكابلات و تم وخزهم بعصي الكهرباء مع التهديدات المستمرة، كما يذكر بشير. “كنا نُضرب عند استلامنا للطعام، ونُضرب عند خروجنا إلى الحمّام، ونُضرب عند استدعائنا للتحقيق. كان هناك صبي لديه مشاكل في معدته، وعندما علموا ذلك أخذوا يضربونه على بطنه. وبعد جولة من الضرب فقد الطفل وعيه”. تم أخذه إلى المشفى لاحقاً ليتبين أنه كان يعاني من نزيف داخلي. “كانوا يضربوننا بالكابلات على وجهيّ أيدينا، وقالوا لنا بأنهم سوف يكسرون أصابعنا التي كتبت على الجدار. ولهذا بدأت أظافر أيدينا بالتشقق، وقد كُسرت ثم تساقطت فأصابعنا كانت تنزف بشكل مستمر”. سألوهم مراراً وتكراراً: “لماذا كتبتوا على الجدار؟ من قال لكم أن تكتبوا على الجدران؟ مع من ترتبطون؟ من يساعدكم من خارج سوريا؟ من جعلكم تتسللون إلينا؟ كم أعطوكم من المال؟ هل أنتم من الإخوان المسلمين؟ هل أنتم من تنظيم القاعدة؟ هل أنتم سلفيون؟ من أنتم لتسقطوا النظام؟”. كانت تستمر التحقيقات إلى أن تُنتزع اعترافات الصبية بالضرب، وقد سلموهم أسماء أبناء عمومتهم وأصدقاءهم أو أي اسم فقط لإيقاف العذاب. أحدهم أخبرهم عن أحمد ثاني أبازيد 17 عاماً، والذي لم يكن في المدرسة عندما كتب الأولاد الآخرون على الجدار، ولكن عندما عذبوه فَقَد أعصابه وقال لهم: إنه سلفي واعترف بالكتابة على الجدار وإحراق مخفر الشرطة. وقد تم اعتقاله لثمانية أشهر قبل أن يطلق سراحه. عيسى ذو 16 عاماً، اُتهم “بمحاولة الانقلاب على النظام”. يقول: “لقد علقوني على الجدار وقاموا بلفي. كنت اختنق وشعرت بأنني أموت”. سمع الأولاد الضباط يقولون بأننا “لا نستحق الحياة”، يقول بشير بأنه كل ما كان يتمناه هو الموت “عندما كنت هناك ندمت على الساعة التي كتبت فيها على الجدار”. تم نقلهم إلى فرع فلسطين (الفرع 235) في دمشق. يقول مسالمة: “كل فرع كان يتنافس مع الآخر على دوره في تعذيب الأطفال”، هنا كان التعذيب أقل حدة، وقد طُلب من الأولاد مسح الأرض وتنظيف الصحون. وكانوا يُعذبون فيما بين هذه الأعمال. ولكنهم كانوا ممتنين لهذه “الأوقات المستقطعة”. في يوم الأحد الذي أُطلق سراحهم فيه لاحظ بشير أمراً مختلفاً. فقد كانوا ينادونهم بأسمائهم بدلاً من المصطلحات المهينة المعتادة. وعندما وصلوا إلى درعا كان الضابط لؤي العلي، والذي قام باعتقال الأولاد سابقاً ينتظرهم للترحيب بهم. فقال لهم: “مرحباً بكم يا أولاد، لقد تشرفنا باستضافتكم، أتمنى أنكم لم تتعرضوا للأذى”، ولكنهم لم يهتموا لذلك فقد كانوا أحراراً. كانت الحشود بانتظارهم في المسجد العمري. يتذكر بشير “لقد كنا خائفين لكن شقيقي أصرّ بأن ننضم لهم. حملونا على أكتافهم، وكان الجميع يحتفل” يمتلئ صوت بشير بالمشاعر ويقول: “أردنا فقط إغاظة النظام لم نفكر قط أن الثورة ستشتعل… عندما سمعت أن هناك شهداء، قلت سأكون معهم إلى الموت مع هؤلاء الذين قضوا لإخراجي من القمع، لن أتخلى عن الثورة السورية”. حي عربين الذي بدأت فيه الأحداث هو الآن قلب الثورة في درعا. فتح أهالي الصبية منازلهم للناشطين مقدمين لهم الطعام والإنترنت والاتصالات الهاتفية، ومكاناً آمناً ليناموا فيه وأحياناً للاختباء من مداهمات الأمن الاعتيادية. هؤلاء النشطاء الآن غالباً ما يتحدثون عن “الاصطدام بالجدار”، فحسب السياق قد تعني هذه الكلمات الصدمة وعدم التصديق أو الحزن الشديد واليأس. سمعتهم يستخدمونها عندما تحدثت إلى النشطاء مباشرة بعد مقتل أحد أصدقائهم. سمعتها أيضاً عندما يتجاوز النظام في عنفه توقعات الناس. سمعتها عندما يعبر النشطاء عن استيائهم من انحياز الإعلام وصمت العالم. كُتبت شعارات جديدة مناهضة للنظام على جدران مدرسة عربين. قد تشعر أن الثورة التي خرجت من جدار المدرسة تواجه أحياناً ذلك الجدار المادي مراراً وتكراراً، لأنه وراء جدار الخوف الذي هُدم هناك جدران من الحزن والوحشية. جدران لم تكن جاهزة للتحطيم في الثورة الوليدة. جدران عمل النظام لأربعة عقود على بنائها. وعلى الرغم من ذلك كله استمر الشعب السوري بهدمها. وبعد عام، ما زال جواب النظام على نداءات الشعب للحرية واضحاً. فكل يوم لأكثر من عام هناك قتلى. وعشرات الآلاف تم اعتقالهم. المئات من الأطفال قُتلوا والآلاف يُتموا. الأحياء أصبحت أنقاضاً. كل ذلك لأن النظام رفض قراءة ما كُتب على الجدار. أجاب الشعب السوري على النظام أيضاً. فكل يوم يكتب الآلاف -مع مواقفهم الشجاعة ضد الظلم- “الشعب يريد إسقاط النظام”، ويوقعونها بدمائهم ودموعهم بلا خوف، “مع تحيات الشعب السوري”. أمل هنانو، الاسم المستعار لكاتبة سورية-أميركية والتي كتبت كثيراً عن الثورة السورية. المصدر The Syrian schoolboys who sparked a revolution ترجم المقال للعربية أمل هنانو عن موقع https://freesyriantranslators.net/

عيد الحب في سوريا بلا أحبة… وفتيات يضئن «قناديل الغياب»

$
0
0
عيد الحب في سوريا بلا أحبة… وفتيات يضئن «قناديل الغياب» دمشق – «القدس العربي» - زينة شهلا: على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أعلن مقهى «كرز» للفتيات، الذي يقع في مدينة السلمية وسط سوريا، عن إطلاق مبادرة تسبق احتفالات عيد الحب «الفالنتاين» بأيام، وذلك تحت عنوان «قناديل الغياب». وكتبت القائمة على المقهى وهي سيدة أربعينية تدعى ريم شاهين منشوراً تقول فيه: «قررنا نضوي قناديل الغياب، لكل صبية حابة تضوي قنديل لأخوها أو خطيبها أو حبيبها أو حتى رفقاتها المسافرين. كوني معنا بعيد الحب ومنكون كلنا سوا الساعة 6، نضوّي قناديل الغياب وندعيلهم». الفكرة بدأت مع تجربة شخصية لابنة شاهين وهي فتاة في مقتبل العمر، حيث ودّعت خلال هذا الشهر حبيبها وأحد أصدقائها إثر سفرهما، وأيضاً صديقاً آخر بعد وفاته، فقررت وهي تحس بالوحدة الشديدة في غيابهم أن تشعل قنديلاً في يوم عيد الحب، 14 فبراير/ شباط، لتتذكرهم بصورة جميلة. حينها، قررت السيدة، التي افتتحت مقهى كرز المخصص للنساء منتصف العام الفائت، تعميم هذه الفكرة، «فأنا ألاحظ ومن خلال إدارتي وعملي في المقهى تشابه معاناة ابنتي مع الكثير من الفتيات والنساء في مدينتنا الصغيرة، حيث لا يقتصر ألم الفراق على الحبيب فقط، وإنما يشمله لأي شخص قريب أو صديق فارقنا، إما بسبب السفر أو الوفاة»، تشرح شاهين في حديث مع «القدس العربي». وهنا طُرحت فكرة «قناديل الغياب» والموجهة بشكل خاص للفتيات اللواتي فارقن أحبابهن وسيحتفلن بعيد الحب المقبل من دونهم، ويرغبن في الوقت نفسه بتوجيه رسالة حب بطريقة جميلة ومبتكرة. وكانت المفاجأة بأن الفكرة وبعد ساعات من نشرها لاقت إعجاباً ومشاركة كبيرة من قبل عشرات الفتيات في المدينة. «تلقينا رسائل وتعليقات من فتيات يرغبن بالمشاركة، وأخريات متعاطفات أو متأثرات مع ما نعيشه من ألم الفراق». وتشير شاهين إلى أن هذه المبادرة ما هي إلا انعكاس لواقع مدينتهم، وللواقع السوري بشكل عام، «حيث يبدو غياب الشباب والرجال، على وجه الخصوص، واضحاً للعيان وبقوة، ويؤثر في حياتنا جميعاً». توصيل هدايا للمغتربين منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل حوالي سبعة أعوام، غادرها ما يقارب ستة ملايين من أبنائها، واستقر حوالي خمسة ملايين منهم في البلدان المجاورة، وفق إحصائيات الأمم المتحدة، ولا أرقام محددة عن عدد القتلى أو المختفين قسرياً، لكنه بمجموعه يبلغ مئات الآلاف بدون شك. ويصعب حصر التوزع العمري والجندري لضحايا الحرب في سوريا، سواء كانوا قتلى أم جرحى أم نازحين ولاجئين، لكن المؤكد هو أن البلاد فقدت نسبة كبيرة من الذكور بشكل خاص، مع ارتفاع أعداد القتلى والمسافرين منهم، فهم على الأغلب من انخرطوا في العمليات القتالية، أو فضلوا المغادرة لتجنب حمل السلاح مع أحد طرفي النزاع. وتشير أرقام صادرة عن وزارة التنمية الإدارية السورية منذ حوالي عأمين إلى أن نسبة الإناث في سوريا وصلت إلى 60 %، بعد أن كانت 49 % وفق آخر إحصاء سكاني شامل متوفر من المكتب المركزي للإحصاء عام 2004. خسائر بشرية تظهر جلية بدون لبس لأي شخص يزور سوريا أو يتجول في شوارع واحدة من مدنها وبلداتها، حيث لا تصعب ملاحظة طغيان العنصر الأنثوي على كثير من الأماكن والأنشطة، كالشوارع والأسواق والجامعات وحافلات النقل العام، لكن لغياب الذكور في هذا الأسبوع على الأخص وقع مختلف، فهو أسبوع الاحتفالات بعيد الحب، أو الفالنتاين، حيث يفترض بالأحبة وحتى الأصدقاء الاحتفال بالحب وتبادل الهدايا. انتشرت عادة الاحتفال بهذا العيد في سوريا منذ سنوات سابقة للحرب، خاصة في المدن الكبرى، حيث تعرض محال الهدايا والألعاب كل ما يمكن أن يجذب العشاق وبلون أحمر على الأغلب، وتحرص محال الورود على جلب مئات الأزهار الحمر وعلى رأسها وردة الجوري، في حين تتحضر معظم المقاهي والمطاعم لحفلات وأمسيات غنائية، وتضع ديكورات مناسبة من شرائط وبالونات وتزيينات باللون الأحمر. وككل المناسبات تغير طعم الاحتفال بهذا العيد في سوريا منذ بداية الحرب مع حضور الموت والفقد في كل زاوية، ويبدو هذا العام على الأخص ثقيل الوطء على كثيرين يشعرون بأنه «عيد حب بلا أحبة». في دمشق، تبدو مظاهر الاحتفال بالفالنتاين خجولة بعض الشيء، وتقتصر على بعض الأحياء والشوارع التي تكتسي بأكملها بلون أحمر. تمتلئ بعض الأسواق خاصة الشعبية بالمتسوقين، أو بالأصح المتسوقات، حيث يغلب العنصر النسائي على معظم من يتجول في تلك الأسواق، وفق حديث حسين وهو صاحب أحد محال بيع الهدايا في حي باب توما شرق دمشق. ويشير الشاب العشريني إلى حركة بيع لا بأس بها خاصة للهدايا الصغيرة التي لا يتجاوز سعرها عشرة أو خمسة عشر دولاراً، لكنها على الأغلب من قبل فتيات يتسوقن لأحبتهن، أو ربما نيابة عن أحبة لا يرغبون بالنزول والتجول في الأسواق. وفي حي القصاع المجاور، يجلس بشار في محل بيع الورود الخاص به، ويعرض مجموعة من الأزهار والألعاب والهدايا ومعظمها باللون الأحمر. تباع الوردة الواحدة بسعر يتراوح بين دولار ودولارين، ويتوقع أن يرتفع سعرها ليصل إلى أربعة أو خمسة دولارات في اليوم السابق للفالنتاين. «لم نبع كثيراً من الهدايا حتى اليوم، لكنني أتوقع إقبالاً أكثر في الأيام المقبلة»، يقول الرجل في حديث مع «القدس العربي» ويضيف: «معظم الزبائن بدون شك هم من الفتيات، وهو ما يشبه حال البلاد بأكملها». ولا تقتصر مبيعات المحل على الزبائن المباشرين، إذ أن التوصية عبر الهاتف أو الإنترنت باتت شائعة في السنوات الأخيرة بشكل كبير. «كثيراً ما يتصل بي مغتربون، خاصة في فترات الأعياد ويطلبون إرسال باقات من الورود لزوجة أو حبيبة أو أصدقاء أو أقرباء، وأنا بدوري أنسّق الأزهار بالشكل المطلوب وأرسلها للعنوان المحدد بعد استلام تكلفتها عبر أحد مكاتب التحويل. الحاجة أم الاختراع». احتفالات افتراضية لا تكترث ريم تكريتي كثيراً لعيد الفالنتاين، فهو في رأيها وهي كما تتحدث لـ«القدس العربي» يوم عادي كسائر الأيام الأخرى، وبكل الأحوال تقتصر أي احتفالات لريم وخطيبها أحمد على التواصل الافتراضي، أو الاستعانة ببعض الأصدقاء لتبادل الهدايا، مع إقامتها هي في دمشق وهو في تركيا. الحرب وإجراءات السفر المعقدة التي فُرضت على معظم السوريين خلال السنوات الأخيرة كان لها وقع مؤلم على علاقة الفتاة والشاب العشرينيين، فرغم تعرفهما على بعضهما بعضا منذ حوالي ثلاثة أعوام، ثم ارتباطهما في لبنان منذ عام تقريباً، لم يكن من السهل على ريم، التي تعمل صحافية، الحصول على تأشيرة دخول للسفر إلى تركيا، وبقيت احتفالاتهما، سواء بأعياد الميلاد أو أي مناسبات أخرى، رهينة شبكة الإنترنت، وإمكانية إرسال الهدايا عبر الحدود، والأهم رهينة الانتظار. تمسك ريم بهاتفها الجوال، وتقلّب بعض الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر بعضاً من تلك الاحتفالات الافتراضية. «هنا أرسلت له هدية مع صديقة، وهنا تفاجأت بما بعثه لي أيضاً مع أصدقاء. حالنا في الفراق كــحال كثير من السوريين المشتتيين في أرجاء العالم». دمشق – «القدس العربي» - زينة شهلا:

تنافس أثرياء النظام السوري على «خردة الحرب»

$
0
0
في إطار الصراع القائم بين رجال أعمال مقربين من النظام السوري للسيطرة على الاقتصاد في مرحلة إعادة الإعمار، ظهر تنافس بين «اثرياء الحرب» على شراء وإعادة تصنيع «الحديد الخردة» الذي يتم جمعه من مناطق تستعيد قوات الحكومة السيطرة عليها وتكون قد تهدمت بشكل شبه كامل. وخلال الحرب التي دخلت عامها الثامن، تمكن الجيش من استعادة مناطق كثيرة كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة وتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» وذلك بعد معارك عنيفة أدت إلى تدمير شبه كامل لكثير من تلك المناطق، كما هي الحال في أحياء مدينة حلب الشرقية (شمال) ومدينة حمص القديمة (وسط)، ومدينة داريا بريف دمشق الغربي، ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق. وإضافة إلى ظهور ما بات يعرف بـ«التعفيش» خلال سنوات الحرب، وهو كناية عن عمليات نهب يقوم بها عناصر من الجيش النظامي والميليشيات التابعة له، لمقتنيات وأثاث المنازل في المدن والبلدات والقرى التي يستعيد السيطرة عليها، يلاحظ وجود عمليات تجميع للأبواب والنوافذ الحديدية وقضبان الحديد التي جرى استخراجها من الأبنية المنهارة، على شكل أكوام أمام تلك الأبنية، إضافة إلى أبواب ونوافذ ألمنيوم وأسلاك نحاس، وذلك تمهيداً لتحميلها على شاحنات كبيرة بعد وزنها بموازين موجودة قرب تلك الأكوام ومن ثم ترحيلها من المنطقة. مصادر مواكبة لحيثيات ما يجري في تلك المناطق أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن ضباط الجيش النظامي والنافذين في الميليشيات وبعد إشرافهم على العمليات العسكرية التي أفضت إلى استعادة السيطرة على تلك المناطق، قسّموا المدن والبلدات والقرى إلى «قطاعات لكل ضابط منهم القطاع الخاص به»، ويقوم بـ«الإشراف شخصياً على كل ما يجري في القطاع الخاص به». وتشير المصادر إلى أن هناك «ورشات عدة تضم الواحدة عدداً من الأشخاص، يمكن أن يكونوا من عناصر الجيش؛ ومنهم عمال» يعملون على فك تلك الأبواب والنوافذ واستخراج قضبان الحديد من الأسقف المدمرة وتجميعها أمام الأبنية المدمرة، لافتة إلى أن العمال العاديين يتقاضون أجراً يومياً لقاء عملهم في حين عناصر الجيش ينفذون أوامر الضابط المسؤول عن القطاع. ورغم حرصها على عدم الإسهاب في الحديث، أوضحت المصادر: «الأمر ببساطة هو عمليات بيع لحديد الخردة (السكراب) يقوم بها المسيطرون على تلك المناطق» من ضباط ونافذين في الميليشيات، مع غض الطرف من قبل السلطات الحكومية. وأشارت إلى أن «عمليات بيع (الحديد الخردة) تتم لشركة (حمشو الدولية) حصرياً»، ذلك أن الشاحنات التي تحمله وتنقله من تلك المناطق «تتبع الشركة، ويرافقها مندوبون منها يشرفون على عمليات الوزن والتحميل وإيصال تلك الشاحنات إلى معمل الحديد التابع للشركة في منطقة عدرا الصناعية بريف دمشق الشمالي، حيث تتم عملية صهر (حديد الخردة) وإعادة تصنيعه من جديد». وإذ تحفظت المصادر على ذكر الكميات التي يجري جمعها وبيعها يومياً للشركة، لفت انتباه المواطنين في المناطق المجاورة لتلك التي جرى استعادة السيطرة عليها خروج عشرات الشاحنات منها وبشكل شبه يومي وهي محملة بـ«حديد الخردة»، ورافقتها سيارات حماية (ترفيق) بداخلها عناصر من الجيش والأمن أو الميليشيات حتى تصل إلى المعمل بسلام. شهود عيان ممن يسافرون على طريق دمشق - حلب البديلة المارّة من «سلمية - أثريا - خناصر» والتي فتحتها الحكومة السورية بعد قطع فصائل المعارضة في 2012 طريق حلب - دمشق الدولية، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن مشاهدة عشرات الشاحنات المحملة بـ«الحديد الخردة» وهي عائدة من أحياء مدينة حلب الشرقية ومتجهة إلى جنوب البلاد. وفي أبريل (نيسان) 2018 عندما سيطر الجيش النظامي وحلفاؤه على غوطة دمشق الشرقية تمت أيضاً مشاهدة أرتال من الشاحنات على طريق حرستا - «ضاحية الأسد» وهي محملة بالمسروقات من منازل ومحال الأهالي في الغوطة الشرقية، وكذلك بـ«الحديد الخردة»، وكذلك على طريقي حرستا - البانوراما، وحاميش - مساكن برزة. وخلال سنوات الحرب، ارتفع سعر طن الحديد المبروم عالي الشد الذي يستخدم في البناء من 45 ألفاً خلال عام 2010 إلى 340 ألف ليرة في الوقت الحالي (الدولار الأميركي يساوي حالياً نحو 535 ليرة سورية)، وذلك بسبب توقف عدد من معامل الحديد الموجودة في سوريا عن العمل بعد تضررها بشكل كبير، والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها دول غربية وعربية على الحكومة السورية. وبرز اسم النائب محمد حمشو في الاقتصاد السوري. ةيشغل حالياً منصب أمين سر غرفة تجارة دمشق، وأمين سر اتحاد غرف التجارة السورية، وعضو مجلس الشعب (البرلمان) عن دمشق، وهو خاضع للعقوبات الأميركية منذ عام 2011، وقد استطاع رفع العقوبات الأوروبية عنه نهاية عام 2014. وفي ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015، أصدر رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي قراراً يقضي بإنشاء «المجلس السوري للمعادن والصلب» برئاسة حمشو، وتم بموجبه تعيين مجلس إدارة من 17 عضواً. ومع الحديث عن عملية إعادة الإعمار في البلاد التي تقدر تكلفتها بـ400 مليار دولار أميركي بحسب خبراء اقتصاديين، برز اسم حمشو مؤخراً بشكل لافت في المشهد الاقتصادي السوري، وقام أواخر العام الماضي بزيارة إلى إيران حليف الحكومة السورية على رأس وفد رفيع المستوى من رجال الأعمال، تبعتها زيارة أخرى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. المصدر: الشرق الأوسط

اخترت «الدعارة» لأني أردت أن أعيش… حاسبوا المتسبب أسرتي والمجتمع أولاً

$
0
0
«أذكر ذلك الصباح، عندما أيقظتني والدتي وبيدها حقيبة صغيرة فيها بعض ملابسي. طلبت مني أن أغادر البيت وألا أعود مرة أخرى لأنني عار على هذا البيت» بهذه الذاكرة تسرد (س) التي تبلغ 25 عاماً في ماضيها، وهي حالة من بين ملايين القصص لفتيات حول العالم انتهى الأمر بهنّ لعاملاتٍ تحت صفة «فتيات الليل». تبدأ (س) التي نشأت في إحدى القرى ذات التقاليد المحافظة على أطراف دمشق، رواية ما حدث معها منذ البداية، لمصلحة بحثٍ جامعي في مجال «الضحايا والعدالة الجنائية» فتبدأ من طفولتها: «كنتُ في الخامسة عشرة من عمري عندما أصبحتُ مسؤولة- مسؤولية كاملة عن شقيقتي- كنت أتمنى حقاً أن ألعب مع صديقاتي بعد المدرسة لكنني لم أجرؤ أن أطلب هذا من أمي العصبية المزاج، حتى جاء ذاك اليوم الذي قررتْ فيه المدرسة أخذنا في رحلة ليومين في الجبال». تتابع (س) سرد قصتها: «ذهبت والفرحة لا تسعني إلى البيت لأخبر والدتي عن الرحلة، كل ما أذكره أنها بدأت بشتمي وضربي صارخة في وجهي: كيف تريدين تركي وحيدة مع شقيقتك وكل أعمال المنزل لمدة يومين؟ لا أذكر شيئاً بعدها سوى صوت ارتطام جسدي على درجات البيت الطويلة، وصوت أمي يبتعد بينما يتدحرج جسدي إلى أسفل السلم الخشبي. كانت تلك آخر مرة أطلب فيها شيئاً منها. نعم فهمت أنني هنا لأساعد والدتي وأنفّذ أوامرها فقط». نقطة التحوّل «استمر ذلك الحال حتى تعرفت على داني». تضيف (س) واصفة المنعطف الذي غير كل حياتها فيما يعد: «كان شاباً وسيماً جميلاً مشرقاً يبيع البوظة في الشارع المجاور لمدرستي، وجدت عنده الأمان والحنان الذين فقدت طعمهما منذ أمد، رغم كلامه الغريب أحياناً عن جمالي وعن أنني أستطيع استعماله لأصبح غنية وسعيدة». تروي (س) بعد ذلك كيف تمكن الشاب من إقناعها في أحد الأيام بالبقاء معه بعد المدرسة: «لم أشعر كيف مرّ الوقت وحل المساء؟ وكم كنت خائفة من العودة إلى البيت ولكنني لم أجد حلاً بديلاً، استقبلتني والدتي بالصراخ كما توقعتُ، وعندما سألتني أين كنت؟ أخبرتها بسذاجة «كنت مع داني». كانت تلك آخر جملة تبادلناها ذاك المساء. ذهبتُ إلى غرفتي لأنام لكنها تبعتني بعد قليل لتسألني: هل مارست معه الجنس؟ لم أستوعب سؤالها، ليس لجهلي بمعنى كلماتها، ولكن لم أصدق أن هذا ما كانت تفكر به. أجبتها أننا لم نفعل شئياً لكنها لم تصدقنِ. ضربتني على وجهي ورمت بي أرضاً، وهي تكرر سؤالها بشكل جنوني: هل مارستما الجنس؟ من شدة الألم والذل والتعب أجبتها: نعم نعم.. لقد نمت معه.. ارتحتِ الآن… لم أقوَ حتى على لفظ كلمة جنس أمام والدتي. تركتني مرمية على الأرض وغادرتْ، وفي الصباح وجدتها تحمل بيدها حقيبة تتضمن بعض ملابسي، وحينها طلبت مني ألا أعود مجدداً إلى المنزل لأنني عار عليه. لحظة جنون «داني» كان هذا هو اليوم الفاصل في حياة (س) بين حياة الطفولة والمصير الذي ستجرها إليه وقائع الحياة بعد ذلك. إذ هامت (س) وهي ابنة الخامسة عشرة في الطرقات حاملة حقيبتها، في طرقاتٍ لا تعرف أين تنتهي وجهتها. وبشكلٍ طبيعي اختارت الذهاب إلى المحل الذي يعمل فيه «داني». «أردت أن أكذب عليه؛ ولكن علامات الضرب على وجهي والدموع في عيني فضحت الأمر». تروي (س) وتتابع: «أخذني إلى منزله، وأخبرني أنني أستطيع المكوث هناك، ولكن يجب أن أشاركه في دفع الإيجار. طبعاً لم أملك ما أبيعه سوى جمالي (هكذا أقنعني) وبمساعدة (داني) تعرفت على الكثير من الرجال وبدأت العمل. لمَ لا، إذا كانت والدتي تظن أنني «عاهرة» فلا بأس بذلك إذاً! شهر بعد الآخر بدأت أشعر بالتعب الجسدي وعندما استيقظتُ من حالة الصدمة التي سببتها لي والدتي قررت أن أتوقف عن هذا العمل، ولكن الأمر لم يكن بسيطاً. عندما أخبرت «داني» جن جنونه ولم يعد ذلك الشاب الهادئ بل تحول إلى نسخة أخرى عن والدتي. ضربني وشتمني وأخبرني أنه سيتخلى عني إذا توقفت عن العمل. لم أعِ كم كنت أستحق الحياة… «كنت في وضع لا أستطيع فيه أن أتحمل خسارته، فأنا لا أعرف إنساناً هنا. كنت أحبه، وهو يحبني- أو هذا ما اعتقدته على الأقل- كان دائماً يخبرني أنني يجب أن أعمل أكثر كي نستطيع توفير المال لنتزوج، وبعدها أتوقف عن العمل. كنت أريد أن أتزوجه لذا استمريت بالعمل سنة كاملة، ثم أخرى- وأكمل أخرى- وكلما حاولت أن أتوقف كان يهينني ويقول لي أنني فاشلة لا أعرف أن أفعل شيئاً آخر في الحياة». في هذا الجزء «المكمل» من قصة (س) سنتوقف على ملاحظة هامة تكاد تكون العنصر ذاته في جميع حالات الاتجار بالنساء، ويحضر حتى في العلاقات الزوجية والعاطفية المسيئة للمرأة، إذ يعمد الطرف الآخر دائماً لتحطيم صورتهن عن أنفسهنّ، وإقناعهن بطرق مباشرة؛ أو غير مباشرة بأنهنّ غير قادرات على الحياة دون وصاية وإشرافٍ منه. حتى المدرسة التي كانت حلمي الجميل تركتها، بعد أن تركتني والدتي للشارع. أذكر أننا اختلفنا ذات مرة بشكل كبير حول «زبون» يريدني أن أمارس معه الجنس بشكل عنيف ومؤلم؛ لم أعرف وقتها المقصود بكلمة «سادي» ولكن «داني» المفترض أن يكون زوجي في المستقبل، أجبرني على القبول. كانت النتيجة أنه نقلني في تلك الليلة إلى المشفى بين الحياة والموت. كنت أستحق الحياة ولكنني لم أعِ ذلك. كنت أنظر إلى نفسي على أنني «رخيصة» وحيدة غير جديرة بالمساعدة. جاءت الشرطة في تلك الليلة إلى غرفتي في المشفى بحسب الإجراءات الرسمية- كما أخبروني- وسألوني عمن فعل بي هذا. تذكرت كلمات «داني» لي حين قال: «لا أحد سيصدق فتاة مثلك، انتِ لست ضحية، سيزجون بك في السجن«. لكنني تشجعت وأخبرت الشرطة بكل حكايتي… وليتني لم أفعل! الشرطة: «أنتِ لست ضحية» أربعة رجال من الشرطة قاموا بالتحقيق معي، كل على حدة، قاموا باستجوابي مرة بعد أخرى. قالوا لي أنني أتممت الثامنة عشرة منذ أيام، ولذا لم أعد قاصراً، ولست ضحية هنا، لأنني مارست هذا العمل بمحض إرادتي. طلبوا مني أن أروي لهم تفاصيل ممارساتي الجنسية مع الرجال. كيف يمكنني أن أخبر رجلاً كل أسلوبه في الكلام يشعرني بالإهانة عن أكثر ما يشعرني بالخجل؟ سألوني ذات الأسئلة مرات عدّة، وكنت أتلعثم فيتهمونني بالكذب. لكل إنسان سرٌّ خاص يشعره بالخجل أو بالعار، كيف يمكن أن يتحدث عنه أمام الناس بصوت عالٍ دون أن يتوتر؛ أو يخطئ في السرد؟ لا أفهم. ألا توجد امرأة واحدة في هذا القسم لتتحدث معي، قلتها بصوت عال؟ يبدو أن «داني» كان على حق. سأعمل على «لملمة» القصة وأحاول إغلاق القضية، وأعود إليه نادمة معتذرة، علَّه يسامحني ويعيدني إلى العمل. الشرطة والعاملون في المشفى كانوا ينظرون إليّ نظرة أسوأ من تلك التي أراها في عيون «زبائني» إذ كنت؛ وعلى الرغم من الأسى، أقول في نفسي على الأقل مع هؤلاء أشعر أنني إنسانة، يتحدثون إليّ عن أنفسهم وعن رغباتهم وفي أحايين كثيرة عن زوجاتهم، وهذا ما لم أفهمه حتى اللحظة!. نسيّ الجميع؛ أو تناسى بعضهم تلك الفتاة المراهقة الصغيرة التي جَنت عليها والدتها ورمتها في ظلمات الحياة، حتى أنا نسيتها وبالتالي نسيت أنها كانت ضحية لرجل قرر أن يستغل حاجتها، ويتاجر بها كـ«سلعة جميلة» ويلعب بما تبقى من قلبها فتعطيه كل ما تجني. نعم أصبحت تلك الطفلة الناضجة رغم قسوة الحياة وأتمت الثامنة عشرة لتصبح هدفاً سهلاً لمن يريد أن يزايد عليها، ويشعرها بالعار أكثر، الذي هو في الحقيقة عارهم. مشروعية التحرّش في الشرق أصبح كل الحي يعرفها بعد تلك الليلة، ويعرف عملها، فلا يحدثها أحدهم إلا ليتحرش بها أو ليشتمها. «نعم شكراً لكم جميعاً لقد عدتُ إلى صوابي، عدت إلى عملي، إلى التاجر الحبيب «داني» الذي يأخذ معظم أجري مقابل وعوده المستمرّة لي بالزواج. شكراً لرجال الأمن الذين منحوني كل الإهانات المبطنة والصريحة، ولم يتعبوا أنفسهم بطلب المرشدة الاجتماعية لدراسة حالتي، شكراً لوالدتي لأنها لم تصدقنِ عندما أخبرتها أنني لم أقم بأيّ عمل يجعلها تشعر بالعار، ومع ذلك أصرت على استجوابي لتقويل ما لم أفعله، شكراً للمجتمع الذي أخذ ما تبقى من روحي ومن كرامتي». الاتجار بالبشر بهدف الاستغلال الجنسي ليس موضوعاً جديداً على مجتمعاتنا، وهذا في حد ذاته مشكلة كبيرة لأننا رغم الحداثة والتطور ما زلنا نعاني من الأمراض الاجتماعية والإنسانية ذاتها حتى اليوم. لم يستطع القانون بعد أن يوقف هذه الجرائم، والإحصائيات الدولية ما تزال مخيفة. وفقاً لتقارير المنظمات الدولية الإنسانية، تتم اليوم المتاجرة بملايين البشر حول العالم للعمل بالمجال الجنسي (4.8 مليون ضحية حسب منظمة العمل الدولية، معظمهم من الأطفال والنساء) من أجل الحصول على قوت يومهم؛ أو على مكان للإقامة فقط، علماً أن التوقف عن العمل ليس خياراً بالنسبة للنساء العاملات في هذا المجال ليس بسبب تهديد الجهة التي تعملن لديها فحسب، وإنما أيضاً بسبب عدم تقبل المجتمع لعودتهن إليه كفتيات طبيعيات مثلها- مثل أيّ كائن آخر. مجتمع «عاهر» إنها وصمة العار التي يطبعها المجتمع على جبين كل فتاة «بائعة للهوى» بأنها أقل من مستوى باقي البشر، وأنها سلعة تستحق ما قد تتعرض له من الأذى، وكأنها أعطت موافقة مسبقة لكل الجرائم والإصابات والألم الذي قد يحصل معها. في حين هذه «الوصمة» يجب أن تكون على جبين هذا المجتمع الذي لم يرحمها. حتى عندما تتعرض إحداهن للاغتصاب لا تتعامل معها الشرطة كباقي الضحايا، ولكن أبسط ما يقال لها من قبل هؤلاء المختصين: أنتِ تعملين بالدعارة وهذا متوقع. إن المجتمع الذي يواجهها بكلمات مثل: «تستحقين هذا، طبعاً أنتِ وضعتِ نفسك في هذا الموقف»، وغيرها من العبارات البعيدة كل البعد عن الإنسانية والواقع. وإذا ما أراد أحدهم شتم امرأة أول كلمة قد يستخدمها هي «عاهرة» لأن هذه الكلمة ارتبطت ثقافياً واجتماعياً بالعار والرذيلة، يجب أن يتم محاسبة المجتمع «المسيء» أولاً. كثيرة هي النصوص القانونية والاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى الحد من الاتجار بالبشر، وخاصة المتعلقة منها بالاستغلال الجنسي، ولكن هذه القوانين ليست كافية إذا لم يبدأ الحل من المجتمع ذاته الذي سبب المشكلة. كل منا واجه مواقف صعبة ومربكة ربما دفعتنا لاتخاذ قرارات قد تكون خاطئة أحياناً، أو متفاوتة في مدى صحتها، ومن حقنا رغم هذا أن تتم معاملتنا باحترام وإنصاف وإنسانية، أو بما يسمح لنا تلك القوانين من حقوق بعيداً عن الاجتهادات والفتاوى «الشرعية». العاملات الجنسيات؛ أو فتيات الليل، هن ضحايا لظروف الحياة القاسية، قد تكون من التربية المجحفة؛ أو الحياة غير المنصفة، أو استغلال من وثقن بهم والحاجة لأساسيات الحياة… أن تكوني ضحية؛ هذا ليس خياراً، ولكن المساهمة بجعل إحداهن ضحية بعد تعرضها لهذا الكم الهائل من الألم هي الجريمة الحقيقة. إعداد: غالية مردم بك – تحرير: سارة اسماعيل ومعتصم الطويل المصدر: الحل) –

انضمام الشباب لـ«داعش» بين التخويف والإغراء

$
0
0
الفقر والحاجة دفعا «إسماعيل» إلى امتهان العديد من المهن، بل أنه قد انتسب في وقت سابق إلى تنظيم الدولة الإسلامية، للسبب ذاته بالإضافة إلى الخوف من الخلاص منه واعتقاله في حال لم ينضم لهم كما الآلاف من شباب الرقة الذين لم تسنح لهم الفرصة بالهجرة والهروب، والآن وبعد مرور سنة من القضاء على التنظيم في المدينة، تركهم، وانضم لصفوف قوات سوريا الديمقراطية، بعد مراجعة للأعمال التي قام بها وهو في صفوف التنظيم. هذه حال إسماعيل الذي يبلغ من العمر 32 عاماً، والذي تحدث لموقع «الحل» عن حياته ووضعه المعيشي: «لقد كنت أعمل في إحدى ورش البلاط قبل سبع سنوات، وكانت هذه مهنتي التي أكسب من خلالها لقمة عيشي، وفي بداية سيطرة الجيش الحر على الرقة أصبح معظم من اعرفهم ينتسبون لفصائل الجيش الحر والتي تجاوزت فصائلها العشرات». الشباب بين التخبط والحيرة يتابع الشاب الذي يجد نفسه أحد ضحايا هذه الحرب، أن «الكثير من معارفي ممن هم ينتسبون لهذا الفصيل؛ أو ذاك أغروني بالانضمام إليهم سواء بالسلطة للفصيل في المدينة أو الراتب أو السيارة …إلخ من تلك الإغراءات التي كانت تجذب أيّ شب في عمري». مضيفاً «ولكنني على الرغم من ذلك أبيت الانضمام لهم كون عملي ما زال مستمراً، وإن كان بشكل ضعيف جدا، كذلك ملبياً رغبة والدي بعدم الانخراط في هذه الفصائل». بعد سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» على مدينة الرقة 2014، وتصفية جميع الفصائل الموجودة أما بالانضمام للتنظيم أو الانحلال والخروج من المدينة، لم يعد هناك من مفرّ، يتابع إسماعيل حديثه: «بعد سيطرة التنظيم على الرقة، قررت الانضمام له رغبة مني في السلطة التي كانت تعطى لعناصر التنظيم، وكذلك طمعا بالراتب المادي الذي أصبحت بأمس الحاجة له، كما أنني تعمقت في أفكار التنظيم الدينية، وتدرجت إلى أن تطوعت في «دار الحسبة» في منطقة الحمرات في الرقة. كانت الحسبة تتمتع بسلطة كبيرة على عوام الشعب، فقد كان الناس بمجرد رؤية «فان الحسبة» تتخبط حتى خطواتهم وخاصة النساء خوفاً من اعتقالهم ومعاقبتهم لأبسط سبب، وكنت أتقاضى راتبا يقارب 250 دولاراً في الشهر مع سلطة نافذة في المنطقة. الانسحاب الضروري ولكن، وبعد اندحار الدولة الإسلامية «داعش» من الرقة، كنت قبلها بفترة من الوقت قد هربت إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، مع اشتداد المعارك وفرار العديد من العناصر بعدها سجنت لمدة 20 يوماً تقريباً بعد تقرير من أحد الأشخاص الذين كانوا يعرفونني أيام «الحسبة» السوداء. أثناء ذلك قررت الخروج مع عائلتي من الرقة واستقرينا في مخيم عين عيسى، ومع طول الحالة قررت الانضمام إلى قوات سوريا الديمقراطية، وقد تطوعت تحت راية «قسد» وكان قد فعل ذلك المئات من الشبان، والذين كانوا منتسبين سابقاً لتنظيم الدولة رغماً عنهم، والغريب في الأمر أن هذا الانتساب يتم بيسر وسهولة ودون تعقيدات فقط بإجراءات بسيطة، ولعلّ السبب لأن الجميع يعرفون بعضهم. في بداية الأمر كان وظيفته الوقوف على أحد الحواجز في شمال المدينة، يعترف «إسماعيل» هنا قائلاً: «للمفارقة كان يمر على الحواجز العديد من الأشخاص الذين كنت أنا من جرهم إلى (فان الحسبة) وأحيانا لأسباب بسيطة جداً، ومع ذلك لم أتعرض للمضايقة أو الإهانة من أحد». الخوف من الانتقام شعور دائم بعد تحرير منطقة الحمرات عاد مع أسرته إلى قريته، إلا أنه ولشدة المضايقات من أهالي المنطقة أجبرته على الخروج، وطلب نقله إلى المدينة خوفاً من أهالي المنطقة الذين أكثروا عليه الوعيد والتهديد بسبب الأفعال التي ارتكبها أيام «الحسبة» وبأوامر من الأخوة في تنظيم «داعش». يقول «إسماعيل» في ذلك: «إنني لا ألوم هؤلاء الناس، لأننا أذقناهم الكثير من الخوف، لقد سجنا الكثير منهم لأسباب بسيطة بل أن بعض الأشخاص كانوا يهينون شخصا إرضاءً لغاية في نفسه أو ربما تصفية حساب قديم بينهما». التلون مع كل مرحلة أما «حمود» الذي يبلغ من العمر 47 عاماً، والذي انتسب لفصيل «أحرار الشام» الذي كان فصيلاً له ثقله في المدينة، كان هدفه في ذلك طمعاً في كسب الأموال، والسيطرة على أراض وممتلكات تركها أهلها، وخرجوا من المدينة وخاصة من الموالين للنظام. هو نفسه الذي كان يعمل فلاحاً لقطعة أرض صغيرة، وأملاكا للدولة في الأصل. وبعد سيطرة الدولة الإسلامية «داعش» انتسب ابنه الأكبر «محمد» للتنظيم لكي يبقى له نفوذه المزعوم ليتسلط على الفقراء ممن لا حول لهم ولا قوة؛ بل أنه قد زوج ابنته لأحد «الأخوة المهاجرين» كي يقوى نفوذه، ألا أنه وبعد مرور أشهر عدّة قتل زوج ابنته بضربة لطيران التحالف على المدينة فخسر بذلك داعمه الرئيس. الفراغ يخلق كل غريب ومريب شكلت هذه الفترات والفصائل التي مرت على مدينة الرقة، شتاتا لأهلها وغياباً للضوابط والعادات والقيم التي تربى عليها هذا المجتمع الرقاوي ريفاً ومدينة، كما أن الفراغ الذي يعاني منه أهالي المدينة وخاصة الشباب، شكّل هوّة كبيرة وجرّت الكثير نحو الأسوأ، وما تزال هذه القصص والمآسي في ذاكرة الجميع، وهم يحاولون العودة بمدينتهم كما كانت لتعيد لها الحياة والفرح، ويعود أبنائها لمقاعد العلم والعمل والدراسة بدلاً عن العسكرة والسلاح، وقتل هذا الفراغ المريب الذي نال منهم. إعداد: خالد أمين – تحرير: معتصم الطويل المصدر: الرقة (الحل)

سوق حمص القديمة بانتظار عودة الروح…ومنافسة من أسواق موازية

$
0
0
تحت لافتة قماشية علقت على باب محل لبيع الألبسة، ألقى بائع حمصي أنهكته الحرب، جسده على كرسي، ورفع ساقيه على كرسي آخر، مديراً ظهره للشارع شبه الفارغ من المارة، بدا مستسلماً لحالة الكساد في سوق تحاول النهوض من تحت ركام، وسط حمص القديمة، وعبارة «قاهر الأسعار» التي خطها على اللافتة، لم تسعفه لتبديد ضجر انتظار زبائن ذهبوا ولم يعودوا، كما بدت العبارة هزلية وسط سوق مغلقة، فقد كان البائع وحيداً مع لافتته وبضاعته المعروضة بخجل، بينما ينشغل عامل ورشة بناء في آخر الشارع، بتفقد إبريق الشاي المتربع فوق تنكة الحطب، حيث تكاد الحياة تنعدم، لولا أصوات آليات ترحيل الأنقاض. ومع أن عمليات ترميم وإعادة تأهيل السوق القديمة وسط المدينة وصلت إلى نهاية المرحلة الثالثة، فإن عودة أصحابها إليها لا تزال بطيئة إلى درجة محبطة، فالسوق تعرضت خلال سنوات الحرب لتدمير كبير يواجه صعوبة العودة إلى الحياة مجدداً، بعد أن فقدت أهلها، منهم من قتل، ومنهم من هاجر، ومنهم من تحول إلى بائع بسطة على أرصفة الأحياء التي لم يطلها القصف. ومنذ بدء الفرع الإنمائي للأمم المتحدة «UNDP»، وبتمويل من اليابان وشركاء آخرين، عام 2016 بترميم السوق، انتعشت الآمال بعودة قريبة لأكثر الأماكن حيوية في قلب مدينة حمص، والمعبر الأصيل عن روحها وتاريخها، الذي كان مقصد أهالي المدينة وريفها في محافظة حمص، التي تعتبر أكبر المحافظات السورية. وسوق حمص القديمة من الأسواق التراثية، أطولها سوق الصاغة المتفرعة عنها سوق العطارين، ثم سوق الحرير التي تغطيها قباب تعود إلى العصر المملوكي، ثم سوق المنسوجات وسوق القيصرية المبنية من عقد حجرية على شكل أقواس تلتقي في مركز واحد، تزينها زخارف نباتية. علماً بأن عدد المواقع الأثرية المسجلة في محافظة حمص 108 مواقع، إضافة إلى 60 تلاً أثرياً، تعرض غالبيتها للضرر، لا سيما الواقعة في حمص القديمة. موظفة في محل لبيع ملابس نسائية وسط السوق المسقوفة، وقفت خلف بسطة كبيرة تكدست عليها البضائع، في محل خلا من الرفوف وفاترينات العرض، ليبدو كغرفة أمامية من بيت عربي مبني من طابقين، بفسحة سماوية يطل عليها كثير من الغرف والقاعات الكبيرة، تتدلى منها لافتات مكسرة وأبواب مخلَّعة، وأثار حرائق تشير إلى أن هذا المكان كان يوماً ما مجمعاً تجارياً صغيراً، قبل أن يتحول إلى ساحة معركة. الموظفة قالت إن صاحب المكان قرر العودة تدريجياً، كاختبار لإمكانية نقل نشاطه مجدداً إلى هذه السوق التي هجرها عام 2012. مصادر محلية في مدينة حمص تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، بأن مشروع الترميم بدأ بترحيل مئات آلاف الأطنان من الأنقاض، وفرز الأحجار الأثرية، وإزالة الأسقف المعدنية المخربة، وتركيب غيرها، وتبليط الأرضيات بالحجر البازلتي، وإعادة بناء المحال المنهارة بالحجارة القديمة نفسها، وفق المخططات الموثقة لدى مديرية الآثار في حمص، وشملت أعمال التأهيل والترميم أسواق شارع النوري والصاغة والمعرض، متضمنة أعمال التسقيف والأرضيات والواجهات للمحلات التجارية، البالغ عددها 890 محلاً تجارياً. ولفتت المصادر إلى أن المحلات المدمرة بشكل كامل لم تشملها أعمال الترميم، كما أن الترميم الداخلي للمحلات قام به أصحاب المحلات، وهو ما أخر عودة التجار إلى السوق بحسب المصادر، إضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بـ«عدم جدية النظام في إحياء هذه السوق»، بدليل قرار مجلس المدينة السماح بتحويل الطوابق الأرضية في الأبنية بالأحياء السكنية إلى محلات تجارية، ما أدى إلى تبعثر وفوضى النشاط في كل أحياء المدينة، وتشجيع نشوء أسواق جديدة، كسوق كرم الشامي وغيرها. وتقول المصادر: «قد يكون هذا مبرراً في السنوات السابقة خلال الحرب؛ لكنه الآن غير مبرر، ويعيق عودة النشاط إلى السوق القديمة، كما أنه ينعش أحياء الموالين للنظام على حساب الأحياء التي تم تدميرها». وأضافت المصادر أن ذلك يترافق مع وضع شروط تعجيزية على أصحاب المحلات الراغبين في إعادة إعمار محلاتهم، من خلال سلسلة موافقات، من بينها الموافقات الأمنية، إضافة إلى مواصفات بناء معينة، وغيرها من إجراءات مكلفة. ولفتت المصادر إلى أنه تم هدم محلات قام أصحابها بترميمها، بحجة عدم الحصول على موافقة، أو عدم مطابقتها للمواصفات. إلا أن صحيفة «تشرين» الرسمية قالت في تحقيق ميداني مؤخراً، إن عودة التجار إلى محلاتهم في سوق حمص القديمة «لا تزال بطيئة حتى اليوم، لأسباب يتعلق بعضها بالخدمات»، لافتة إلى وجود رغبة مشتركة بين غرفة التجارة ومجلس المدينة من أجل «تذليل الصعوبات» التي تعوق عودة التجار. ونقلت «تشرين» عن طارق سفر ممثل برنامج «UNDP» في محافظة حمص قوله، إن «عدم عودة أصحاب المحلات إلى محلاتهم بعد ترميمها، يسبب لنا إحراجاً أمام الوفود الزائرة، وبعض المانحين الذين قاموا بالتمويل لترميم الأسواق». إلا أن الصحيفة بررت عدم عودة التجار إلى محلاتهم بالقول إن عمليات إزالة الأنقاض وترحيلها لم تنته إلى الآن، وإن باصات النقل الداخلي والسرافيس لا تصل إلى الأسواق في مركز المدينة، بينما أكد أصحاب المحلات أن المشكلة الرئيسة هي عدم وصول الكهرباء إلى السوق، إضافة إلى أن أهم الشوارع لم يتم تأهيلها، كشارع المعري الواصل بين أسواق المدينة شرقها وغربها. هذا غير وجود كتل بيتونية متدلية من أبنية مدمرة مهددة بالسقوط على المحلات التي تم ترميمها. فعدد محدود جداً من تجار سوق الحشيش (الخضراوات) عادوا إليها بعد ترميم وتأهيل نحو 116 محلاً فيها؛ لكنهم ما لبثوا أن غادروا مجدداً، لغياب الكهرباء، ولوجود كتل بيتونية متدلية في محيط السوق. المصدر: الشرق الأوسط

طفلة في الثامنة من العمر تشم شعلة وترمي نفسها في نهر بردى

$
0
0
يتداول السوريون هذا المقطع عن الحالة البائسة والمتجاهلة والخطيرة جدا للأطفال المشردين الذين يتعاطون شم مادة الشعلة..وهي المادة اللاصقة المستخدمة للصق الأحذية أثناء صناعتها..الظاهرة منتشرة منذ سنين طويلة وكان كيس الشمة بخمسين ليرة والآن ب٣٥٠ ليرة..يضع البائع كمية قليلة بكيس نايلون ، يدخل الطفل رأسه به ويستنشق فيشعر بدوار ومن ثم نشوة ومن ثم ارتخاء وقد تكون مميتة أحيانا.. لست بصدد الدعوة لإيجاد حل لها!! لانها خارج قدرة الأشخاص..لكني سأروي حادثة جرت معي تحت جسر الرئيس، اربعة أخوة، أكبرهم ترتب منامة أخوتها بفرش الكرتون المجموع من الكولبات الموجودة بكثرة تحت الجسر..وتوجه اوامر لأخوتها لجمع المزيد...الكبير للنوم عليه وربما أيضا التغطية به..والصغير للحرق طلبا للدفء..المهم ان الاخ الاصغر كان بعالم آخر ولا يستجيب لأوامر اخته الكبرى وكيس الشعلة بيده..فدفعته ليسقط ارضا ..وعندما حاولتُ التدخل لرفعه عن الأرض كان شبه ميت..اقتربت الأخت مني وبيدها نصف شفرة ووضعتها على معصمي وامرتني بتركه وبمغادرة المكان فورا. !!! قلت لها يحتاج لمشفى..فأجابت دعيه يموت أرتاح من لقمته..الأخوة من ال٧ وحتى ال١٣ من العمر...حاولت مسايرتها والرجاء منها فكانت تقابل رجائي بوجه يزداد عسفا وتهديدا لدرجة أن نصف شفرتها لامس معصمي وخدشه سطحيا..حاولت الصراخ والاستنجاد بأحد..ولا من معين وكانت الساعة التاسعة ليلا.. كل مافعلته أنني هربت..نعم هربت..لكني عدت في الصباح لنفس المكان لأجد بقايا كرتون محترق والكرتون الكبير مرمي جانبا وطفلين لكن غير اطفال الأمس ورأسيهما كانا في قلب اكياس الشعلة .وكل مافعلته هو الهرب أيضا.. نعم نهرب ونخجل من روي الحكاية ..فقط كي لا يتنطح احدهم ليقول عنا كم نحن جبناء او كم نحن علاكون... أكرر مكافحة هذه الظاهرة جزء من ضرورة حل متوالية نكراء بحق الأطفال وبالتالي بحق المستقبل... أعتذر عن روايتي الفظيعة والمتأخرة..وأعتذر عن هزالتي وقلة حيلتي وعن تفاهة الكلام..كل الكلام..  

Facebook

  https://www.facebook.com/syria.hajez/videos/431990430882996/

بازار على تقرير طبيب شرعي بدمشق يرسو على 100 ألف ليرة!

$
0
0
رسا "بازار" بين مواطن سوري وطبيب في مركز الطب الشرعي بالعاصمة دمشق على سعر مائة ألف ليرة سورية، مقابل تحرير تقرير طبي حول "نسبة العجز" الذي تعاني منه زوجة المواطن نتيجة "إصابة حرب". وكشفت صحيفة "تشرين" الحكومية أن "البازار" بدأ بمبلغ 200 ألف ليرة سورية طالب بها الطبيب مقابل تحرير التقرير، إلا أن جهود الطرف الآخر نجحت في تقليص حجم المبلغ المطلوب! وذكرت الصحيفة أن القضية جرت قبل شهرين عندما توجهت المريضة (أ. م.) بصحبة زوجها (م. ح.) إلى مركز الطب الشرعي من أجل الحصول على شرح من أحد الأطباء حول نسبة العجز، وقالت إن الإصابة التي تعرضت لها المواطنة كانت نتيجة "قذيفة أسفرت عن إصابتها بساقها أثناء توجهها للعمل في شركة خاصة". وأدت الإصابة إلى بتر ساق (أ. م.) وتركيب ساق اصطناعية، إلا أن الساق الاصطناعية تسببت بمضاعفات كثيرة، وقال زوج المصابة إنهم كانوا يريدون التقرير "بعد تأكيد الشركة التي كانت تعمل بها زوجته بتقديمها مبلغاً مالياً كجزء من التعويض في حال كانت نسبة العجز لديها بحدود 80%"، وتابع: "لأن (أ. ر.) هو الطبيب الذي كشف على زوجتي من بداية الحادثة فقد مراجعناه وإخباره بالأمر، ليقول لنا (اتركني لأصفن بالموضوع) وبعد 15 يوماً من الذهاب والإياب لمكتبه تبين أنه يريد المال لكتابة التقرير فبدأ بالتفاوض بمبلغ 200 ألف ليرة". وأوضح (م. ح.) أنه حاول تقديم شكوى لدى مدير المركز الذي كان جوابه أنه "مدير اسمياً فقط" طالباً منه "التفاهم مع الطبيب"! ليتوجه بعدها إلى "قاضي الجرائم المشهودة" الذي كتب له الإحالة عند وقوع الإصابة، واتصل القاضي بالطبيب وعاتبه، وأمر "بتشكيل لجنة ثلاثية من قبل طبيبين شرعيين وطبيب عظمية فقاموا بكتابة التقرير بنسبة العجز 80%"، وقال إنه بعد ذلك قدم شكوى ضد الطبيب المذكور بشكل رسمي فيما بعد لدى الهيئة العامة للطب الشرعي، وأرفق بها التسجيلات التي قام بتسجيلها لكلا الطبيبين. الطبيب ينفي من جهته الطبيب الذي قال (م. ح.) إنه ابتزه نفى الأمر جملة وتفصيلاً، ونفى أن يكون الصوت في التسجيلات المرفقة بالشكوى، صوته، وأكد أن "هناك محاكم تفصل بينهما"! أما رئيس مركز الطب الشرعي بالعاصمة دمشق (أ. ن.) فلم ينفِ حادثة الابتزاز و "البازار" الحاصل بين المشتكي والطبيب المذكور، موضحاً أن "كل واحد منهما عليه مسؤولية معينة"، متهماً صاحب الشكوى بتصعيد الأمور، وقال: "هناك من دفعه ليقحم اسمي كرئيس مركز في الموضوع على الرغم من أنه لا علاقة لي بالموضوع أبداً فأنا لم أكتشف موضوع الابتزاز إلا بعد أن تلقيت اتصالاً من طبيب في مشفى البيروني يعلمني بأن هناك شكوى من قبل أحدهم، وبعد مقابلته تبين لي حقيقة هذا الابتزاز فقمت بإرسال الشكوى إلى هيئة الطب الشرعي". وعاد الطبيب (أ. ر.) للقول إنه "بعد معرفته بأن المشتكي أقحم اسمه في الشكوى هناك أخبره بأن يقدم كتاباً مغايراً لما كتبه في الشكوى بعد تهديده بتقديم شكوى قضائية ضده". وكشف رئيس مركز الطب الشرعي بدمشق أن هناك "صراعاً داخلياً بين الأطباء الشرعيين"، موضحاً أنه لذلك "كل طبيب يريد نشر غسيل زميله أمام الآخر لإلحاق الضرر به ولكن الخوف في أن يعم الضرر الجميع"، مشيراً إلى أن التحقيق جارٍ في القضية ولا يمكن معرفة من المخطئ حتى تنتهي التحقيقات. وأوضح أن الشكوى حُوّلت إلى هيئة الطب الشرعي ومنها سوف تتحول إلى الرقابة الداخلية بالوزارة، نافياً أن "تكون القصة قد لفلفت" كما زعم البعض، حسب قوله، وتابع بأنها ليست المرة الأولى التي تجري فيها حالة ابتزاز وطلب نقود مقابل تحرير تقرير طبي من قبل الأطباء الشرعيين. وقال رئيس المركز في حديثه للصحيفة إن أحد الأطباء تقاضى مبلغ "ألفي ليرة مقابل كتابة تقرير وفاة"، وزعم أنه "أعاد المبلغ إلى المواطن وسؤاله إن كان يريد كتابة شكوى بالموضوع" لكن ذلك المواطن لم يقدم شكوى! أما رئيس هيئة الطب الشرعي، فراس ناصيف، فلم يستغرب الحادثة، وقال إنه على علم تامٍ بها إذ أن المشتكي قدم شكواه في الهيئة التي يديرها، وقال إن الهيئة كتبت تقريراً عن الموضوع في القسم القانوني ورفعته إلى الرقابة الداخلية في وزارة الصحة، مستبعداً أن يكون للمشتكي دوافع أو تحريض من قبل أحد الأطباء الآخرين أو أن تكون الشكوى مفبركة للإساءة إلى "سمعة الطبيب" المذكور شخصياً. وقال ناصيف إن "الشكوى مرفقة بتسجيلات صوتية واضحة بصوت الطبيبين الذين كانا على تواصل مع المشتكي"، لكنه لم يؤكد إن كانت حالة الابتزاز هي الأولى من نوعها في مركز الطب الشرعي، لكنها الوحيدة على الأقل لدى الهيئة بعد افتتاح مكتب الشكاوي قبل أسبوعين!

جامعة حلب تسترد رواتب موظفين لديها بدعوى “الصرف الوهمي”تحقيق الاعلامي حسان كنجو

$
0
0
جامعة حلب تسترد رواتب موظفين لديها بدعوى "الصرف الوهمي" تناقلت مصادر إعلامية موالية للنظام السوري في مواقع التواصل الاجتماعي، أخباراً مفادها قيام جامعة حلب باسترداد (رواتب شهرية) كانت الجامعة قد منحتها لموظفين لديها بدعوى "الصرف الوهمي". وجاء في تعليق نشر على صفحة "أخبار منقولة عن مدينة حلب" الموالية في موقع فيسبوك رسالة من أحد عاملي الجامعة جاء فيها: "فشة خلق... هل جزاء الاحسان الا الإحسان... هل يعقل انه في جامعة حلب يكافأ ويكرم بعض العاملين المواظبين على عملهم دون اي انقطاع طوال السنوات التسعة الماضية بحسم واسترداد تعويضات أعمال امتحانية كانو قد قبضوها وفق الأنظمة والقوانين المالية المتبعة والمعتمدة في قانون تنظيم الجامعات وبموجب قرارات إدارية وأوامر صرف نظامية 100% علما بأن جميع موظفي جامعة حلب وباقي الجامعات السورية وحتى موظفي وزارة التعليم العالي يتقاضوا نفس هذه التعويضات وخلص معد التقرير التفتيشي ووصف الأمر بأنه خطأ واعتبره صرف وهمي؟؟ هل هو صرف وهمي لنا فقط أم إهمال جانب كبير من باقي العاملين!!!؟؟؟". وتعد هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، حيث قامت مديرية الإسكان والتعمير اواخر العام الماضي بمنح عاملين لديها مرتباتهم الشهرية ثم استردادها بحجة وجود أخطاء مالية لدى المحاسبين". وذكرت مصادر آنذاك أن العاملين رفعوا دعوى لدى المحكمة المسلكية لاسترداد معاشاتهم الشهرية، إلا أن الأخيرة لم تحرك ساكناً واقتصر الأمر على الطلب من العمال الانتظار ريثما يتم التدقيق الذي لم ينتهِ حتى الآن وما زال الأمر معلقاً حتى اللحظة.

عثر على أثاث منزله “المعفّش”في حلب فاتهمه النظام بالإرهاب / تحقيق حسان كنجو

$
0
0
لم يكن مسلسل "التعفيش" الذي قامت به ميليشيات النظام في المحافظات السورية غريباً عنها يوماً، حيث عملت تلك الميليشيات طوال سنوات الثورة على إفراغ المنازل التي تم تهجير أهلها أو إجبارهم على النزوح، ومن ثم نقل محتويات تلك المنازل إلى أسواق لبيع الأثاث المستعمل، والتي باتت تعرف عند السوريين بـ "أسواق التعفيش". بسعر الجملة.. من السارق للمسروق "أبو أحمد" الرجل الحلبي النازح من أحياء حلب الشرقية منذ أواخر العام 2016، لم يكن يتوقع يوماً أن يكون داخل سجون النظام لمجرد أنه تعرف على قطعة من أثاث منزله المسروق داخل أسواق التعفيش في حلب. ويمتلك الرجل جميع الأوراق التي تثبت ملكيته لمنزله الذي تركه في حي الشعار، لكنّه لم يستطع العودة، لذا فقد قرر البقاء في مناطق سيطرة النظام في أحياء حلب الغربية. يقول "أبو أحمد" في حديث لـ بروكار برس، إنه "قبل عامين وبعد دخول النظام إلى أحياء حلب الشرقية وسيطرته عليها دخلتُ إلى سوق الحرامية أو كما يسميه الشبيحة بالسوق الحر، لشراء بعض المفروشات لمنزلي الكائن في قبو أحد المباني بحي العبارة وهناك كانت الصدمة، حيث وجدت أثاث منزلي كاملاً معروضاً للبيع وتعرفت على مقتنياتي بالقطعة". ويضيف: "تقدمت إلى البائع وسألته بكم هذه الخزانة فأجابني بأنها بخمسة آلاف ليرة وبدأ يقسم أنه يبيعها بسعر ما اشتراها وهنا سالته من أين اشتريت هذه الخزانة فقال لي ما علاقتك أنت.. هل تريد أن تشتري أم لا؟ فأخبرته أن هذه الخزانة لي وأنه سرقها مع كامل الأغراض، فهددني بسكين كانت بجانبه في حال لم أغادر المكان". تهمة الإرهاب حاضرة ويستطرد أبو أحمد: "بعد مشادات كلامية تجمع حولنا بعض الأشخاص وأثناء الكلام حملت مسؤولية تركه خارج السجن للجهات المختصة وأخبرته أنني سأرفع دعوى عليه، فقام الأشخاص من حولي بإمساكي واتصلوا بدورية للأمن العسكري، ولا أعلم لماذا عند حضور الدورية أخبروهم أنني شتمت الجيش السوري والمسوؤلين في البلد، فتم اعتقالي بتهمة التعاون مع العصابات المسلحة ومكثت في فرع الأمن العسكري لمدة 45 يوماً ذقتُ فيها شتى أنواع العذاب". وذكر أنه وبعد إطلاق سراحه خرج وعائلته لمناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، ويقطن الآن في مخيم "أطمة" على الحدود التركية. جدير بالذكر أن عدة مقاطع فيديو انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كان أحدها لعنصر من الميليشيات فلسطيني الجنسية، وهو يتكلم كيف نهب رفاقه منزله في مخيم اليرموك بدمشق ويقول "بيتي أنا ينسرق؟". حسان كنجو - بروكار برس

أسعار المواد الغذائية في دمشق «تحلّق» قبل شهر رمضان

$
0
0
قبل نحو شهر من رمضان الكريم، يهجس سكان في دمشق في كيفية تدبر أمرهم، مع تراجع الأحوال المعيشية لشريحة كبيرة منهم، في شكل فاق تحمل قدرتهم على التحمل. وخلال الحرب المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات، تضاعفت الأسعار في عموم المناطق السورية أكثر من 12 مرة، بعد تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي إلى نحو 550 ليرة للدولار، بعد أن كان نحو 50 ليرة قبل الحرب، مع بقاء مرتبات الموظفين على حالها التي كانت عليها قبل عام 2011 (الراتب الشهري لموظف الدرجة الأولى 40 ألف ليرة). ضاقت سبل العيش على الغالبية العظمى من الناس، وبات 87 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب أرقام البنك الدولي. اللافت هذه الأيام، ومع فرض العقوبات الأميركية على دمشق، أن عموم مناطق سيطرة الحكومة تشهد تحليقاً جديداً في الأسعار، التي تضاعفت مرتين أو ثلاث مرات عما كانت عليه قبل عدة أشهر. وأكثر ما طال الغلاء الجديد المواد الغذائية والخضراوات والفاكهة واللحوم، بالترافق مع تواصل أزمات خانقة في توفر الغاز المنزلي، ونقص كبير في وقود التدفئة والبنزين، وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، ما زاد أكثر من معاناة المواطنين، وجعل الحياة بالغة الصعوبة. «أبو مروان» رجل في العقد السابع من عمره، كان ينظر بحسرة على بعد أمتار من لافتات الأسعار في سوق مساكن برزة شمال دمشق، من دون أن يقترب من البسطات والباعة، ذلك أن سعر كيلوغرام البطاطا يبلغ 400 ليرة، والبندورة 500، والباذنجان 600، والفاصولياء الخضراء 1000، والثوم 2000. بينما يبلغ سعر كيلوغرام الفريز ما بين 500 إلى 700، والتفاح ما بين 300 إلى 600، والبرتقال نحو 200 ليرة. العجوز، وبلهجة تدل على أنه ينحدر من مناطق جنوب سوريا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نار... نار الدنيا (الأسعار)»، ويضيف بصوت مرتفع نوعاً ما، لفت انتباه متجولين في السوق: «هذه الأيام ندبر حالنا بالبيض. رمضان صار على الأبواب». ولم يؤدِّ تراجع موجة البرد وظهور خضراوات ربيعية جديدة، مثل الفول الأخضر والبازلاء والكوسا، إلى انخفاض أسعار باقي الخضراوات، مثل البطاطا والبندورة والباذنجان، كما يحصل في كل عام عند قدوم فصل الربيع؛ لا بل صدم الناس بأن الخضراوات الجديدة تباع بثلاثة أضعاف ما كانت عليه في العام الماضي؛ حيث يصل سعر كيلوغرام الفول الأخضر البلدي إلى 500 ليرة، والبازلاء إلى 600. وشهر رمضان المقبل الذي يصادف قدومه الأيام العشرة الأولى من مايو (أيار)، يعد الثامن من نوعه الذي يمر على السوريين في ظل الحرب التي تشهدها البلاد، وقد غيبت أحداثها ومنعكساتها في شكل شبه كامل، عادات وطقوس كان الدمشقيون يمارسونها لاستقبال الشهر الفضيل، وهم توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، وطالما تفاخروا بها خلال قرون ماضية. وبعد أن اعتادت غالبية أهالي دمشق في سنوات ما قبل الحرب، على التحضير لاستقبال شهر رمضان قبل نحو شهر أو أسبوعين من قدومه، عبر تسوق كميات كبيرة من المواد الغذائية والعصائر من أسواق دمشق الشهيرة، لتحضير أطباق متعددة من الطعام وأنواع مختلفة من الحلويات على وجبات الإفطار، لوحظ خلال سنوات الحرب أن معظمهم بات يكتفي بشراء ما هو ضروري جداً فقط، وبكميات قليلة، بسبب الفقر الذي باتوا يرزحون تحت وطأته. «مريم» وهو اسم مستعار لربة عائلة مؤلفة من ستة أشخاص، تعيش في ريف دمشق الغربي بعد نزوحها منذ بداية الحرب من دير الزور، تؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن غالبية الأسر حالياً، وبسبب الانقلاب الجذري في أوضاعها المعيشية «تعيش على الكفاف، ونحن منهم»، وتضيف: «بات قدوم رمضان يشكل هماً كبيراً، فإذا كانت العائلة في الشهر العادي تحتاج إلى 300 ألف ليرة، فمعنى ذلك أنها في رمضان تحتاج إلى 600، وربما مليون. والسؤال: من أين؟». وتوضح أن «الكبار ربما يتفهمون الوضع، ولكن الأولاد الذين سيشاهدون شتى أنواع المأكولات والحلويات في الأسواق، ماذا نفعل معهم؟ لا نستطيع القول إلا: الله يعيننا». وإذا كان كثير من الناس وجدوا ضالتهم في لحم «الفروج» (الدجاج) في سنوات الحرب الماضية، كون سعره بقي أرخص من لحم الخروف بكثير، ويمكن لذوي الدخل المحدود الإقدام على شرائه مرة كل شهر، فإن هؤلاء فجعوا بارتفاع سعره؛ حيث قفز سعر الكيلوغرام من نحو 800 ليرة إلى 1300، بينما ارتفع سعر كيلوغرام لحم «العواس» (الغنم) إلى نحو 7 آلاف ليرة، بعد أن كان نحو 5 آلاف. ويقول موظف في إحدى المؤسسات الحكومية لـ«الشرق الأوسط»، فضل عدم ذكر اسمه: «نسينا اللحم. المهم حالياً أن يبقى الخبز على حاله»، ويضيف: «على أساس هناك حكومة ملزمة بالناس، فلتُزد رواتبهم، فلتطعمهم الآن وبكرة في رمضان!»، ويتابع: «الحكومة تركت الناس للصدفة... لا يهمها وإن لم يأكلوا بالمرة... أو أكلوا تراباً... أو حجارة!». المصدر: الشرق الأوسط

كفربطنا : شعارات مناهضة للنظام على الجدران “يسقط الأسد”، “حرية للأبد”، “الثورة مُستمرة”و”لا للاعتقال العشوائي”.

$
0
0
انتشرت قوات الأمن بشكل غير مسبوق في مدينة كفربطنا في القطاع الأوسط من غوطة دمشق الشرقية، قبل يومين، بعد اكتشافها شعارات مناهضة للنظام على الجدران في حي الكرم، بحسب مراسل "المدن". وبحسب شهود عيان، فإن أبرز العبارات التي كُتبت هي: "الجيش الحر قادم"، "يسقط الأسد"، "حرية للأبد"، "يسقط الأمن العسكري"، "الثورة مُستمرة" و"لا للاعتقال العشوائي". وشهدت البلدة استنفاراً واستقداماً لتعزيزات من قبل "الأمن العسكري"، وتشديداً أمنياً من "الحرس الجمهوري" المُنتشر في مُحيط المدينة. مصادر "المدن" أكدت اعتقال "الأمن العسكري" لـ15 شخصاً بتهمة "التورط" بكتابة تلك العبارات. وعملت الدوريات الأمنية على مسح العبارات، وتوجيه التهديدات للأهالي عبر المسؤولين عن المنطقة وتذكيرهم بوجوب عدم تكرار الحادثة تحت طائلة المُلاحقة الأمنية واعتقال كافة شبان المدينة. ونصب "الأمن العسكري" حواجز جديدة داخل كفربطنا، مع تسيير دوريات في كافة أرجاء المدينة تجنباً لحوادث أمنية مشابهة. وشهدت مدن وبلدات القطّاع الأوسط في الغوطة، ومن بينها كفربطنا، حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 100 شاب خلال الأسبوعين الماضيين، نفذتها دوريات تابعة لـ"الحرس الجمهوري" و"الأمن العسكري" بحق مطلوبين أمنياً، وآخرين للتجنيد الإجباري. وليست المرة الأولى التي تشهد فيها الغوطة كتابات مناهضة للنظام، فقد جرت حوادث مشابهة أواخر العام 2018 في سقبا ودوما، طالبت بإسقاط النظام وأكدت على استمرار الثورة. وتعيش مدن وبلدات الغوطة حالة من التوتر الأمني الدائم، نتيجة الحملات التي تشنها استخبارات النظام بحثاً عن آلاف المطلوبين للتجنيد الإجباري، فضلاً عن الاعتقالات التي تنفذها بحق أشخاص كانوا على ارتباط بفصائل المعارضة. وأغلقت مليشيات النظام، بحسب مصادر إعلامية، مطلع آذار/مارس، عشرات الشوارع الرئيسة والفرعية في القطاع الأوسط، بمتاريس ترابية عالية، خاصة تلك الشوارع المؤدية إلى الأراضي الزراعية، وعززت من النقاط والمفارز الأمنية في تلك المناطق، لتجنب هروب المطلوبين نحو البساتين وتواريهم عن الأنظار. النظام يميّز كفربطنا عن باقي الغوطة، بالخدمات.. لماذا؟ حصلت كفربطنا، إحدى بلدات الغوطة الشرقية لدمشق، على العديد من الخدمات الأساسية، بعد أن غادرتها قوات المعارضة مؤخراً، على عكس بقية مناطق الغوطة الشرقية التي جرت فيها إصلاحات خجولة تتباين بين منطقة وأخرى. يعزو "أبو ماهر صالح" أحد سكان كفربطنا المهجرين، حصول بلدته على هذه الخدمات، كنتيجة طبيعية لوجود شيخ تابع للنظام يدعى "بسام ضفدع"، داخلها. بعد خروج الثوار دخلت الكهرباء إلى كفربطنا لتشمل كامل بيوت البلدة كما يؤكد صالح الذي أشار إلى قيام النظام بالعمل على عودة شبكة المياه الرئيسية كما تجري عمليات إصلاح المدارس. تم أيضاً إعادة تفعيل خطوط الهاتف الأرضي عن طريق إصلاح مقسم الهاتف الموجود في بلدة سقبا المجاورة. يقول صالح إن الأفران عادت للعمل داخل البلدة كما عمل النظام على إصلاح الطرقات ثم سمح بإعادة خطوط النقل من وإلى البلدة عبر 5 سرافيس تعمل على الخط. "بسام ضفدع"، وفقاً لصالح، ساهم بشكل كبير في سقوط كفربطنا حيث تمكن من جمع الأهالي حوله أثناء القصف العنيف الذي تعرضت له الغوطة خلال الحملة الأخيرة ثم حثهم على المصالحة مع النظام. بعد إحكام قبضته على كفربطنا، أدخل النظام الدوائر الحكومية مثل البلدية والمخفر والنفوس. ويقول صالح إن جميع الدوائر الحكومية تمارس عملها حالياً عدا دائرة النفوس التي ستفتح أبوابها خلال الأيام المقبلة. وعلى الرغم من هذه الخدمات حدثت اعتقالات طالت عدداً من شبان البلدة، كما يؤكد أبو ماهر صالح، لكن في المقابل تطوع عشرات الشبان في صفوف جيش النظام. بدوره، قال "رائد صالحاني" مدير شبكة "صوت العاصمة" المعارضة، إن "كفربطنا هي البلدة الوحيدة في الغوطة الشرقية التي لم يغادر من أهلها سِوى ما يقارب الـ 20 عائلة باتجاه الشمال السوري وقرر أهلها وشبانها البقاء في البلدة بعد أخذ الضمانات من الشيخ بسام ضفدع". بالاضافة الى ذلك -يقول صالحاني-: "قبل دخول قوات النظام إلى البلدة بيومين قام ما يقارب الـ 400 شاب من البلدة معظمهم كانوا مقاتلين سابقين لدى فيلق الرحمن وجيش الإسلام بحمل السلاح والانتشار داخل البلدة ورفع علم النظام ومواجهة هيئة تحرير الشام في البلدة وطردها بعد معارك عنيفة سقط على أثرها ما يقارب من 8 قتلى من كلا الطرفين". هذه المجريات -بحسب صالحاني- أدت لزيادة الاهتمام بكفربطنا من قبل النظام. يشير صالحاني إلى أن من يتولى تسيير أمور البلدة حالياً أعضاء الفرقة الحزبية ورئيس البلدية ويقتصر دور بسام ضفدع على تنسيق أمور الشبان مع ضباط الحرس الجمهوري من أجل تسوية الأوضاع فقط. يقطن حالياً في بلدة كفربطنا -وفق الإحصائيات التي قدمها صالحاني- حوالي 39 ألف مواطن توزعوا على 6150 عائلة نزحت من 84 بلدة. في حين لا يتجاوز عدد السكان الأصليين حالياً أكثر من 2500 عائلة. إعلام النظام تحدث بدوره عن الخدمات المقدمة للبلدة، حيث لخصها توفيق البحش، رئيس بلدية كفر بطنا، بفتح الطرقات والشوارع الرئيسية، وتشغيل 4 مضخات مياه. إضافة لثلاث محولات كهربائية استطاعة كل واحدة (1000kfa) لتأمين كهرباء إسعافية إلى معظم السكان. يضاف إلى ذلك تفعيل 6 مدارس وتشغيل الفرن الآلي بطاقة 2 طن يومياً، وافتتاح صالة المؤسسة السورية للتجارة، ومكتب الطوارئ، ووحدة المياه، وتركيب عيادة لمنظمة اليونسيف بمساحة 40 متر مربع.

مَن ضرب الرجل المسن في دمشق؟

$
0
0
سارعت إدارة مرور العاصمة السورية دمشق، لنفي صحة الأخبار المتداولة عن صورة مؤلمة تظهر ضرب وإهانة شرطي مرور لرجل سوري مسن، وسط دمشق، والتي أثارت غضباً في مواقع التواصل الاجتماعي. وذلك، في تلخيص لاستراتيجية جديدة يتبعها النظام السوري لتلميع صورته وتخفيف الاحتقان في مناطق سيطرته، نتيجة الواقع الخدمي والاقتصادي المتردي. وقبل سنوات قليلة، لم تكن الدوائر الرسمية وأجهزة النظام تصدر أي تعليقات على ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي. وقد لا يعود ذلك إلى انشغال أجهزة "الدولة السورية" بقضايا أهم، بل يعود على الأغلب لاستراتيجية إعلامية تقوم على خلق وهم بوجود دولة مثالية، يقوم فيها "مغرضون" من الشعب نفسه، بمحاولة الإساءة لصورتها. وتقوم الاستراتيجية على نفي كافة الأنباء والمعلومات المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تفضح الاستغلال والاحتقار الممارس من قبل النظام، بكافة مستوياته، بحق السوريين، بعد انخفاض وتيرة الحرب في البلاد خلال السنتين الأخيرتين. وباتت صفحات موالية للنظام مثل "سيريا توداي"، تعمل على تكذيب "الشائعات" والمعلومات "المغرضة"، والتي تسيء لصورة "الدولة السورية" بوصفها دولة "حضارية". ولا يعني ذلك تكذيب معلومات سياسية أو عسكرية خطيرة، بل الصور المتداولة في مواقع التواصل لتفاصيل الحياة اليومية البسيطة، والتي تظهر حجم البؤس الموجود في مناطق سيطرة النظام، سواء من ناحية مظاهر الفقر أو صور الطوابير للحصول على أساسيات الحياة، وغيرها. يظهر ذلك بوضوح في الصورة الأخيرة، وفيها شرطي مرور يتحدث مع سائق سيارة أجرة وإلى جانبه رجل متقدم في العمر بوضعية القرفصاء وهو يضع يده على رأسه. كما تظهر فتاة من مرآة سيارة خاصة وهي تصور المشهد الذي وصفته صفحات موالية للنظام بالمعاملة غير اللائقة لمواطن سوري أمام الناس في الشارع. وقالت صفحات محلية موالية بأسلوب النسخ واللصق المعتاد: "ليس هكذا يعامل المواطن من قبل شرطة المرور، السائق بعمر والده ويُضرب على وجهه أمام أعين الناس"، ودعوا وزير الداخلية للتحقيق في المشهد. مع الإشارة لسقوط الرجل على الأرض من هول الضربة وبوجود اثنين من رجال الشرطة، وأن الحادثة وقعت في منطقة الأزبكية. وأثارت الحادثة تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين عبروا عن استيائهم من تصرف الشرطي غير اللائق مع المواطن وعدم احترامه على الأقل أمام المارة الذين تجمعوا لمشاهدة ما يحدث. لكن بيان شرط المرور نفى ذلك بالقول أن ما جرى مجرد "إشكال بين سائق سيارة عامة وسائق سيارة شاحنة مغلقة على أفضلية المرور". وأضاف البيان أن "مشهد السائق الذي يبدو جالساً على ركبته أمام الشرطي، نتج عن انخفاض ضغطه بسبب الملاسنة الحاصلة بينه وبين السائق الآخر". ما أثار سخرية واسعة من قبل الموالين أنفسهم، والذين لفتوا في التعليقات على البيان أن الشرطي لم يضرب الرجل، بل الشرطي الآخر الذي يظهر في الصورة، ويقوم أحد الموجودين بالإمساك به، ويعتقد أنه من شرطة مكافحة الشغب. في وقت لاحق، ظهر الرجل المسن، في مقطع فيديو، وقال أنه لم يتعرض للضرب من أي شرطي مرور في دمشق. ورأى بعض المعلقين أن الرجل أجبر على تسجيل الفيديو الذي بثته الصفحات التابعة لأجهزة المخابرات في مواقع التواصل، بينما قال معلقون آخرون أن شرطياً يرتدي زياً عسكرياً هو من ضرب الرجل وليس شرطي المرور الذي يظهر في الصورة.

في محطات الوقود باللاذقية… عراك وإطلاق نار وسمسرة!

$
0
0
اللاذقية – لم تمر ساعات الانتظار أمام محطات المحروقات في #اللاذقية بسلام، حوادث كثيرة تعرض لها أصحاب السيارات التي تتضاعف أعدادها هناك للحصول على مادة البنزين، ليس آخرها حادث إطلاق النار الذي حصل عند كازية حورية في حي الزراعة. أفاد شهود عيان أن السبب في هذه الحادثة هو “خربطة” في دور الانتظار، دفعت أحد السائقين لاستخدام سلاحه للتعبيرعن غضبه مما حصل، ما أوقع عدداً من الجرحى. ساعات الانتظار هذه شهدت أيضا وفق مصادر محلية حالات شجار لنفس السبب، وكذلك حالات تعدي على الدور، لكن مثل هذه الاحتجاجات تختفي وفقاً للمصادر نفسها عند قدوم سيارة “مفيمة” دون أرقام تقتحم الكازية وتحصل على ما تشاء دون الحاجة للانتظار، نظراً لكونها تتبع أحد المتنفذين في المحافظة الذين يحصلون على معاملة خاصة أينما حلوا. أزمة الحصول على البانزين التي اجتاحت اللاذقية منذ أكثر من أسبوع، تعود لأنباء عن اقتراب موعد تطبيق قرار حكومي برفع الدعم عن هذه المادة، وانعدام توفرها في عدة محطات، كل هذه العوامل خلقت طوابير من المنتظرين، كما أنعشت ظاهرة السماسرة، الذين ينتشرون بالعشرات في محطات الوقود، وذلك لتأمين ما يرغب به السائقون من المادة مقابل نسبة معينة، تصل في بعض الأحيان لخمسين بالمئة من السعر. الحل

ناجية ارمنية تظاهرت بالإسلام طيلة 5 سنوات من الاسر لدى داعش

$
0
0
عقدت فتاة أرمنية، مؤتمرا صحفيا عقب تحريرها من قبضة تنظيم داعش في جيبه الاخير بالباغوز شرق ديرالزور، كشفت فيه عن معاناتها الخاصة مع التنظيم طيلة سنوات اسرها، وعملية تحريرها على يد وحدات حماية الشعبـ الكردية. وقالت الناجية الارمنية، ان التنظيم في البداية اخضعها لدورة عسكرية، ثم نقلت الى بلدة (الكشمة)، حيث عرض عليها الزواج بعنصر داعشي من ادلب يدعى احمد الشيخ، قيل لها ان له زوجة واحدة، واضافت بعد الزواج به تبين انه متزوج من 3 نساء وعمره 47 سنة، فقررت التخلص منه، باللجوء الى المحكمة الشرعية لدى التنظيم. وتابعت الفتاة انها انتقلت الى بلدة (الشفعة) ثم الى المعقل الاخير للتنظيم في (الباغوز)، وكشف هناك انها من اتباع الديانة المسيحية، بعد ان تظاهرت بالإسلام طيلة 5 سنوات من الاسر، الى ان تمكنت من الانتقال الى قرى على الحدود العراقية (الشيخ حمد، المغمورية). وقالت الفتاة الارمنية، ان قصتها اشتهرت بين المقاتلين الكرد، مضيفة انها تلقت مساعدة كبيرة منهم لتحريرها من داعش، اثناء مصالحات مع التنظيم على إجلاء المدنيين والرهائن من مناطق الاشتباك في (الباغوز)، حيث حررها المقاتلون الكرد، وقاموا بنقلها بوساطة سيارة خاصة بالقوات الكردية الى حقل عمر، ومن ثم الى مخيم الهول في الحسكة، لافتة انها تلقت معاملة خاصة من ادارة المخيم، حيث تعرف عليها الاداريون نظرا لانتشار صورها على وسائل التواصل الاجتماعي، وشكرت المقاتلين الكرد على انقاذها من التنظيم الارهابي.

«أهل الشام» منهكون ويستقبلون رمضان بإمكانات متواضعة

$
0
0
رغم الاستعدادات اللافتة في أسواق العاصمة السورية التي سبقت قدوم شهر رمضان المبارك والازدحام الذي شهدته، فإن العنوان الأبرز فيها هو تراجع القوة الشرائية بشكل كبير للمواطنين الذين أنهكتهم الحرب وضيقت سبل عيشهم وغيبت عادات وطقوساً كانوا يمارسونها لاستقبال الشهر الفضيل. في سوق «باب سريجة» وسط دمشق، كان الشاب محمد، ليلة الإعلان عن قدوم الشهر الفضيل، يقف أمام محل لبيع المواد الغذائية يعمل فيه، ويطلق بشكل لبق دعوات للمارة الذين غصت بهم السوق بهدف جذبهم وإطلاعهم على تشكيلة المواد الواسعة في داخل المحل، ومن ثم إقناعهم بالشراء منها، لكن بدا واضحاً أن من يستجيبون عددهم قليل؛ ما أثار الضجر في داخله ودفعه إلى التوقف عن إطلاق دعواته والجلوس على كرسي وضع إلى جانب باب المحل. وبعد أن يوضح الشباب، أنه يعمل في هذه السوق منذ أكثر من ثلاث سنوات، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يمر عليّ أسوأ من هذا الإقبال على الشراء. الوضع سيئ كتير وأصحاب المحال كانوا يتوقعون تراجع القوة الشرائية للناس، لكن ليس إلى هذا الحد. لقد صدموا بالأمر والبعض غادر المحل وترك العمال فقط». واعتادت غالبية «أهل الشام» في سنوات ما قبل الحرب المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات، على التحضير لاستقبال رمضان قبل نحو أسبوع من قدومه، عبر تسوق كميات كبيرة من المواد الغذائية والخضراوات والعصائر من أسواق كثيرة في دمشق كان يحرص أصحاب محالها على عرض بضائعهم فيها وعلى واجهاتها في شكل مكثف وطريقة مميزة لجذب متسوقين تكتظ بهم تلك الأسواق في شكل لافت إلى درجة إيقاف حركة المركبات الآلية. لكن خلال سنوات الحرب، تضاعفت الأسعار في عموم المناطق السورية أكثر من 12 مرة، بعد تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي إلى نحو 12 ضعفاً أيضاً مع بقاء مرتبات الموظفين على حالها التي كانت عليها قبل عام 2011 (الراتب الشهري لموظف الدرجة الأولى 40 ألف ليرة)؛ الأمر الذي ضيّق سبل العيش على الغالبية العظمى من الناس، وبات 87 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب أرقام البنك الدولي. وما زاد أكثر من معاناة الناس المعيشية خلال شهر رمضان الحالي هو أزمة توفر مواد الطاقة (بنزين، مازوت، غاز منزلي) الخانقة التي عصفت بمناطق سيطرة الحكومة، وحصول تراجع جديد في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، ووصوله إلى نحو 575 ليرة، بعد أن كان يتراوح ما بين 530 و540 قبل هذه الأزمة؛ مما تسبب في تحليق جديد بالأسعار التي تضاعفت مرتين أو ثلاث مرات عما كانت عليه قبل أشهر عدة، علماً بأن سعر صرف الدولار أمام الليرة قبل الحرب كان نحو 50 ليرة. يصل سعر كيلوغرام البطاطا إلى 400 ليرة، والبندورة 500، والباذنجان 400، والفاصولياء الخضراء 500، والفول الأخضر البلدي 250 ليرة، والبازلاء 600، بينما يبلغ سعر كيلوغرام الفريز ما بين 500 و700، والتفاح ما بين 300 و500، والبرتقال نحو 200 ليرة. وبينما اختفت بعض المواد الغذائية من الأسواق وبات وجودها نادراً مثل المعكرونة، وقفز سعر الكيلو غرام الواحد منها إلى 800 ليرة بعد أن كان بـ400، شهدت أسعار اللحوم تحليقاً جديداً، حيث ارتفع سعر كيلوغرام لحم «العواس» (الغنم) إلى نحو 8 آلاف ليرة، بعد أن كان نحو 7 آلاف. ومع الإعلان عن أن يوم الاثنين هو أول أيام شهر رمضان، لوحظ إيقاف حركة المركبات الآلية القادمة إلى سوق حي الميدان الدمشقي الشهير الواقع جنوب العاصمة، ذلك أنه وبمجرد دخول المرء إلى السوق من مدخلها الشمالية يواجه سيلاً بشرياً تتزاحم أقدامه على الأرصفة لإيجاد مكان لها وتتقدم ببطء كالسلحفاة. «أبو زياد» كان مع زوجته وأطفاله الثلاثة من ضمن المارة في سوق الميدان، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «خرجنا للترويح عن النفس، الأولاد اختنقوا في البيت. لم نخرج أبدأ لشراء حاجيات، لأنه لا توجد لدينا نقود سوى ما يمكننا من طبق فول أو شوربة أو فتة في اليوم»، ويضيف: «زمان أول تحول... وسفر (موائد) رمضان القديمة لا أعتقد أنها ستعود. لمة الناس على بعضها ومحبتهم لبعضهم أيضاً لا أظن أنها ستعود. اليوم أفراد عائلة واحدة كل واحد منهم يعيش في بلد»، ويتابع أبو زياد بحسرة ظهرت واضحة خلال حديثه «يبدو أننا مجبرون على أن نعوّد أنفسنا على الوضع الجديد وننسى الماضي». من جانبها، «أم ياسين» وهي أم لطفلين وتعمل مدرسة بمرتب شهري لا يتجاوز 40 ألف ليرة، بينما رأت زوجها الذي يعمل في مصرف خاص نحو 60 ألف ليرة، تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن العائلة المؤلفة من 5 أشخاص في الأشهر العادية تحتاج إلى ما بين 250 و300 ألف، فكيف في رمضان الذي يحتاج إلى مصاريف ثلاثة أو أربعة أشهر»، وتضيف: السؤال الذي يطرح نفسه كيف الناس عايشة... أكيد عايشة على الله. بقدرة قادر». وفي مؤشر على حالة الفقر التي وصل إليها الغالبية من الناس، أطلق نشطاء حملة «سامحوا المستأجر» في شهر رمضان، ولاقت انتشاراً واسعاً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. ونقل موقع «هاشتاغ سيريا» عن أحد المشاركين بالحملة قوله: إن الحملة تقوم على مبدأ أن يسامح كل صاحب منزل الشخص المستأجر لديه من دفع إيجار الشهر المقبل نظراً لغلاء الأسعار وكثرة متطلبات شهر رمضان. وشهر رمضان الحالي يعد التاسع من نوعه الذي يمر على السوريين في ظل الحرب التي تشهدها البلاد، وقد غيبت أحداثها ومنعكساتها في شكل شبه كامل، عادات وطقوساً كان الدمشقيون يمارسونها لاستقبال الشهر الفضيل، وهم توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، ولطالما تفاخروا بها خلال قرون ماضية. المصدر: الشرق الأوسط

رمضان المشردين.. وجه آخر للمعاناة في إدلب

$
0
0
تحت شجرة زیتون تحلقت عائلة الحاج عامر بدوي حول مائدة الإفطار، تفترش ترابا مبتلا من زخات المطر، في أحد بساتین مدینة سرمدا بریف إدلب الشمالي.

یمان خطیب-إدلب

الوجبة المتواضعة واحدة من خمسمئة وجبة إفطار تقدمھا منظمات إنسانية نشطة في الشمال السوري، ضمن حملة لمساعدة مئات العائلات الفارة مؤخرا من بلدات ریف إدلب الجنوبي، نتیجة القصف والعملیات العسكریة.

بصوت مرھق یروي عامر بدوي (68 عاما) رحلة النزوح عن منزله بقرية الهبيط بريف إدلب الجنوبي، قائلا "نجونا بأعجوبة، فالضیعة كانت تحترق وأصوات الطائرات وانفجارات القذائف والصواريخ لا تغادر سمعي، الحالة تشبه ما نسمعه عن أهوال يوم القيامة".

ويضيف "لم أستطع حمل أكل أو لباس أو بطانیات، ولم أكن أتخیل أن أول أیام الشھر الكريم سیحل علینا في ظل ھذه الظروف القاسیة، حيث نبیت في العراء بعیدا عن المنزل، وباتت العودة إلیه بعیدة المنال".

مرضى وحرمان على مقربة من مائدة الحاج عامر، انشغلت السیدة صبریة الحسین مع أولادھا الثلاثة عند موعد الإفطار بنصب خیمة صغیرة تبرع بثمنھا أحد سكان مدینة سرمدا.

تقول السیدة الخمسینیة النازحة من قریة الشریعة بریف حماة الشمالي إنھا فقدت زوجھا واثنین من أبنائھا بقصف جوي روسي على مدینة كفرنبل بریف إدلب، أثناء ذھابھم للتسوق وشراء حاجیات المنزل في أول أیام شھر رمضان.

وعن رحلة النزوح تقول "بعد استشھاد زوجي وأطفالي وعلى وقع القصف المكثف على القریة واحتدام الاشتباكات في أطرافھا، نزحت مع أولادي الثلاثة مشیا على الأقدام من قریة الشریعة إلى الطریق الدولي مدة ساعتین، حیث أكملنا طریقنا إلى الشمال على متن شاحنة تقل عائلات نازحة من قرى حماة".

إصابتها بالربو تجعل السعال الحاد يقطع حديثها عن حاجتها إلى طبيب وعلب دواء يتعذر عليها شراؤھا بسبب ضیق ذات اليد، ومن ثم تأمل في إنشاء نقطة طبیة لتقديم الخدمة الطبية للنازحين.

مأواھا الجدید يفتقر إلى أدنى مقومات الحیاة مثل میاه الشرب والغسیل، وھي معاناة تتشارك فیھا جمیع العائلات التي تبیت في البساتین.

وعن شعورھا بحلول شھر رمضان المبارك، تقول صبریة بلھجتھا الریفیة والدموع تنسكب من عينيها "في مثل هذا الوقت كنا نجلس أمام باب الدار نشرب الشاي بعد الفطور، وأدعو الله أن یلحقني بزوجي وأولادي عن قریب".

نازحون بالآلاف أصبحت بساتین سرمدا المأوى الجدید للعائلات الھاربة من القصف والعملیات العسكریة في جنوبي إدلب، وهناك يقوم مسؤول التنسیق في مدیریة الإغاثة والتنمیة حمزة الناصر بإحصاء أعداد العائلات التي تحتاج إلى مساعدات عاجلة.

يقول الناصر إن العائلات المشردة في البساتین تجاوزت الثلاثمئة، وتوقع ارتفاع العدد نظرا لاتساع رقعة التصعید والقصف من قبل قوات النظام والطائرات الروسية لیشمل مناطق جدیدة مكتظة بالسكان، مثل بلدات وقرى جبل الزاویة ومدن خان شیخون ومعرة النعمان.

كما نبّه إلى أن نداءات الاستغاثة "لم تلق أي استجابة من المنظمات الإنسانیة المعنیة بمساعدة النازحین في الشمال السوري، على الرغم من حالة العائلات الكارثیة، مع عجز مدیریة شؤون النازحین عن استیعاب موجة النزوح الكبیرة في الأیام الأخیرة الماضیة".

وأوضح أن النازحين "في حاجة ماسة إلى خیام ووجبات فطور وسحور وحلیب أطفال بشكل یومي، فضلا عن ضرورة تأمین میاه الشرب والغسیل على وجه السرعة، وإنشاء نقاط طبیة للإشراف على علاج المرضى من كبار السن والأطفال".

ووفق إحصائیات غیر رسمیة في الشمال السوري، فقد بلغ عدد الفارین من حملة قصف ھي الأعنف للنظام السوري وروسیا على القسم الجنوبي من محافظة إدلب نحو ثلاثمئة ألف نسمة، منذ مطلع مایو/أيار الحالي.

المصدر: الجزيرة نت

الملياردير الروسي غينادي تيموشينكو : الرجل الذي يشتري سوريا

$
0
0
الرجل الذي يشتري سوريا مهند الحاج علي – المدن العام الماضي، نشرت وكالة “رويترز” في الثاني من تموز (يوليو) تقريراً استقصائياً عن بيع الملياردير الروسي غينادي تيمتشنكو، وهو من الحلقة الضيقة للرئيس فلاديمير بوتين، طائرته الخاصة. وهذه في عالم الملياردير مثل بيع منزل العائلة أو القليل من ذهبها في دنيا متوسطي الحال من سكان هذا الكوكب المتهالك. سبب بيع هذه الطائرة الباهظة الثمن من طراز “غالف ستريم” (سعرها يتراوح بين 60 و70 مليون دولار) أن الإدارة الأميركية وضعت هذا الملياردير الروسي على قائمة العقوبات عام 2014، في سياق رزمة إجراءات بعد سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم. عند فرض العقوبات على تيمتشنكو، وصفته الحكومة الأميركية بأنه من “الدائرة القريبة” من بوتين. الشركة المُصنّعة للطائرة فسخت عقد صيانتها نتيجة العقوبات. صار الملياردير منبوذاً من اقتصادات الغرب نتيجة العقوبات، ولم يعد أحد يريد أي علاقة به. ذلك أن تيمتشنكو، المهندس المولود في أرمينيا والمغمور حتى أفول العهد السوفييتي، من القريبين إلى بوتين وعائلته، إذ ظهر اسمه في تحقيق للوكالة عينها عن المغامرات المالية لكاتارينا، ابنة الرئيس الروسي، وزوجها حينها. حقيقة أن ثروة الرجل نمت بشكل خارج عن الطبيعة من مليار واحد يتيم في التسعينات، إلى ما يُقارب العشرين ملياراً اليوم، تُثير أسئلة عمن يُشاركه من النافذين خلف الستار، والأدلة تشير إلى رأس الهرم. تيمتشنكو، ومن وراءه أيضاً، باتوا شركاء في ثروات سوريا، ويتقدمون بخطى ثابتة باتجاه الاستحواذ على المزيد دون مواربة أو حياء. فالعقود الروسية في سوريا ليست من الصنف الطبيعي أو المعتاد، بل علينا من أجل فهمها العودة إلى قاموس حقبة الاستعمار الأوروبي في عموم آسيا وافريقيا، عندما كان المستعمر يتصرف وكأنه سيحكم الشطر الجنوبي من الكرة الأرضية … الى الأبد. أو بإمكاننا، للغرض ذاته، استعارة بعض التعابير والاتفاقات من أيام الوصاية السورية-الأسدية على لبنان في تسعينات القرن الماضي، عندما سادت الاتفاقات الطويلة الأمد، وحين وقع “الطرفان” صفقات لربع قرن في ظل هيمنة عسكرية-أمنية على كل مناحي الحياة. في هذا السياق علينا قراءة إعلان وزير النقل السوري علي حمود توقيع عقد استثمار ميناء طرطوس مع شركة “ستروي ترانس غاز-CTG” الروسية (يملكها تيمتشنكو) لفترة 49 عاماً. نصف قرن قابل للتجديد لشركة الملياردير تيمتشنكو. وكذلك الأمر بالنسبة لبقية العقود مثل “معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى (ينتج 7 ملايين متر مكعب غاز يومياً)، ومعمل الغاز في توينان وينتج اليوم حوالي 1.4 مليون متر مكعب غاز يومياً، بحسب تقرير لـ”الاقتصادي” نشرته “المدن”. التقرير ذاته يتحدث عن دخول العقد الموقع بين “المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية” و”شركة ستروي ترانس غاز” الروسية حيز التنفيذ في 17 آذار (مارس) الماضي، “لاستثمار معامل شركة الأسمدة في حمص، على أن تكون مدة الاستثمار 40 عاماً بقيمة لا تقل عن 200 مليون دولار”. 50 عاماً هي أيضاً مدة العقد الموقع بين “المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية” السورية و”ستروي ترانس غاز” الروسية، لاستثمار واستخراج الفوسفات من مناجم الشرقية ( 2.2 مليون طن سنوياً). مجلس الشعب صادق على هذا القرار العام الماضي. بكلام آخر، “ستروي ترانس غاز” المملوكة لتيمتشنكو، مثل قطار سريع يلتهم كل العقود السورية. هي شريكة الدولة في مواردها، وأيضاً رديفة للنفوذ الروسي، أمنياً وعسكرياً. المهم في القضية كلها أن تيمتشنكو ليس وحده، بل لديه ارتباطات مالية بعائلة بوتين، كما ظهر في تحقيق “رويترز”، إذ هناك اجراءات بيع لعقارات وشركات عليها علامات استفهام بينه وبين كيريل شمالوف، طليق كاتارينا بوتين. في ظل هذه المعمعة وقلة الحيلة، يحق للسوريين أن يعرفوا مَن يحصل على ماذا، على الأقل، في هذه الصفقات الطويلة الأمد، وعلى أي أساس، حتى لو على سبيل المزاح في ما لا يملك المرء قدرة على المواجهة فيه. وفقاً للتقارير الإعلامية، فإن لدى ماريا، الإبنة الأولى للرئيس الروسي، طفلاً، على عكس شقيقتها الصغيرة. ولذا من “المنطقي” أن تحصل هي على الغاز، على أن يبقى النفط والفوسفات والموانئ لكاتارينا وأمها! وقد تنفع في هذا المجال الحيوي استشارة مفتي الجمهورية العربية السورية للبت في تقسيم الثروات السورية على العائلة المالكة ورفاقها! ملياردير روسي يستخوذ على استخراج فوسفات تدمر لـ 50 عاماً وقّعت وزارة النفط التابعة للنظام، عقداً مع شركة "ستروي ترانس غاز" التي يملكها الملياردير الروسي غينادي تيموشينكو، لاستخراج الفوسفات من منطقة تدمر في الشرقية وخنيفيس، لمدة خمسين عاماً. وبحسب صحيفة الوطن الموالية للنظام، فإن الشركة الروسية سوف تستخرج سنوياً ما مقداره 2.2 مليون طن، بينما يبلغ الاحتياطي كاملاً من الفوسفات في المنقطة نحو 105 ملايين طن.. وتبلغ حصة النظام السوري من كمية الفوسفات المستخرج، 30 بالمئة فقط، بالإضافة إلى 2 بالمئة، هي قيمة أجور العمال والرسوم والضرائب. بينما بحسب الاتفاق مع النظام السوري، فإن التصدير سوف يكون عبر لبنان وليس الموانئ السورية. وغينادي نيكولافييتش تيموشينكو هو من مواليد 1960، ويملك مجموعة فولغا وشركة جوفنور العملاقتين والعديد من الشركات الأصغر. وفي سنة 2014، صنفته مجلة فوربس على أنه بالمرتبة 62 عالمياً ضمن قائمة أغنى أصحاب المليارات لكونه كان يملك حينها 15.2 مليار دولار أمريكي تقريباً. بينما حالياً تقول الأرقام أنه يملك 14 مليار دولار. ويترأس غينادي عدداً من الأندية الرياضيّة. وهو يحمل الجنسيات الروسيّة والفنلدنيّة والأرمنيّة، ويعتبر من أبرز أصدقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وداعميه، بل يعتقد أن الأخير أحد شركائه في شركاته. يشار إلى أن شركة ستروي ترانس غاز ليس لها استثمارات حالياً في المنطقة العربية، سوى في سوريا، وحصلت سابقاً على عقد استثمار مجمع الصيانة في مطار الشارقة الدولي.

في سوق الحسكة المركزي…لوائح الأسعار تصدم متسوقي رمضان

$
0
0
في السوق المركزي لمدينة الحسكة الواقعة شمال شرقي سوريا، تبدو الحركة شبه طبيعية. فواجهة المحال مزينة بمختلف أصناف الحلويات والأطعمة الشرقية، ورائحة الطعام تجذب المار، أما التمور الخليجية والعراقية فكانت حاضرة بقوة. ورغم الهدوء النسبي الذي تعيشه هذه المدينة منقسمة السيطرة، إلا أن غلاء الأسعار يثير دهشة المتسوقين ويحصد ما بجيوبهم، فأزمة الوقود في العاصمة دمشق وتواتر أسعار صرف الدولار مقابل الليرة السورية عكست سلباً على القوة الشرائية للمواطنين، والكثير من الأسر تستذكر الموائد الرمضانية بأصنافها والأكلات الشعبية التي كانت سائدة خلال شهر رمضان المبارك، لكن هذا العام وبسبب ارتفاع الأسعار حرم سكان المنطقة من هذه الطقوس. تقول سمية (43 سنة) التي كانت تتبضع في السوق المركزي أمام فرن مزدحم لشراء المعجنات، بأن من أطيب الأكلات التي لا يمكن الاستغناء عنها في شهر رمضان، «المعروك أو العجوة المحشوة بالتمر والزبيب، إلى جانب العصائر الشعبية مثل العرقسوس والتمر الهندي وقمر الدين والجلاب، وهي أصناف رئيسية تميز المائدة الرمضانية»، لكن: «المعروك سعره 1200 ليرة والعصير 500 ليرة، وكيلو أي صنف من الحلويات تجاوز سعره 5 آلاف، وهذه الأسعار لا تتناسب مع مدخول الأسرة». مأمون المتحدر من مدينة الحسكة يعمل موظفاً في دائرة حكومية براتب شهري بحدود 45 ألفاً (تعادل 80 دولارا أميركيا)، وأثناء زيارته لسوق الخضار والفاكهة ارتسمت علامات الدهشة على وجهه وهو يشاهد لوائح الأسعار، يحاول جاهداً إيجاد أصناف رخيصة دون فائدة. يقول: «ربطة البقدونس بمائة ليرة وكذلك النعناع، أما الخس والفجل الكيلو بـ400 ليرة، والموز سعره 700 ليرة، والبندورة والباذنجان والكوسا سعرها يقارب 500 ليرة،». ويلفت مأمون أن أحد أبنائه المقيم في دولة أوروبية والذي يرسل له شهرياً مبلغاً من المال ليدعم العائلة «لولا مساعدته، فإن راتبي لا يكفي نفقات أسبوع واحد فقط، الأسعار جنونية ولا مقدرة لي على شرائها». وأثرت زيادة الأسعار على القدرة الشرائية لدى نسبة كبيرة من شرائح المجتمع، ويعزو التجار ارتفاع السلع والمواد الأساسية، لزيادة تكاليف النقل وطول الطرق وعدم استقرارها، إضافة لتواتر سعر صرف العملات الأجنبية، فقد تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي نهاية الشهر الماضي حاجز 580 ليرة سورية، أما اليوم فسعر الصرف يصل إلى 570 ليرة وقد خسرت الليرة أكثر من 17 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام الجاري، الأمر الذي أشعل الأسعار وخفض من قيمة البيع والشراء. ويرى خالد (38 سنة) الذي يمتلك متجر بقالة في السوق المركزي، أنّ ارتفاع الأسعار مرتبط بأزمة الوقود التي تشهدها دمشق وباقي المناطق الخاضعة للنظام الحاكم. ويقول: «نصف المواد تأتينا من دمشق وحلب، ومنذ أزمة الوقود هناك ارتفعت الأسعار بشكل خيالي»، منوهاً بأن العديد من المصانع والشركات المصنعة للمواد الغذائية في دمشق توقفت أو قللت من كميات الإنتاج. ويضيف: «هذه الأوضاع ألهبت الأسعار ولا توجد حلول حقيقية لتجاوز الأزمة». وبحسب الباحث الاقتصادي الدكتور شوقي محمد، تجاوزت أسعار المنتجات الحيوانية والدواجن نسبة متوسطة وصلت إلى نحو 500 في المائة، ولدى حديثه إلى «الشرق الأوسط» ذكر أن السبب يعود إلى: «تدهور قيمة الليرة السورية وارتفاع سعر صرف الدولار، وارتفاع تكاليف التربية الحيوانية بسبب عدم توفر الأعلاف من جهة ولارتفاع أسعارها من جهة ثانية». أما نسبة الضرائب غير المباشرة - وهي الضرائب على الإنفاق أو المبيعات أو الاستهلاك – فقد جاوزت سقف ٧٠ في المائة من كتلة الإيرادات الضريبية خلال الفترة بين أعوام ٢٠١٢ – ٢٠١٦، ويضيف الأكاديمي شوقي محمد: «تراجعت حصة الفرد اليومية من الإنفاق العام وسطياً خلال نفس الفترة أيضاً بنسبة ٧٠ في المائة قياسا بعام ٢٠١١، وهذا ما لا يدع مجالاً للشك أن أصحاب الدخل المحدود والفقراء يعانون من ضغط معيشي هائل». وأوضح مناف (55 سنة) والذي كان يقف أمام بسطة يبيع التمور الخليجية والعراقية، أنّ زيادة الأسعار تعود إلى غياب الاستقرار وكثرة الحواجز على الطرق الرئيسية الواصلة بين المحافظات، فالبضائع القادمة من الساحل السوري ومدينة حلب يدفع أصحابها الرسوم الجمركية لكل من الحكومة والإدارة الذاتية، فيما السلع والمواد القادمة من تركيا ومناطق «درع الفرات» شمالي حلب تدفع الضرائب للأخيرة والإدارة الذاتية، ويضيف: «المناطق الشمالية منقسمة السيطرة بين النظام والفصائل الموالية لتركيا والإدارة الذاتية، وكل طرف يفرض الضرائب والجمارك، الأمر الذي يؤدي إلى رفع الأسعار بشكل لا يتناسب مع دخل المواطن». إلهام (37 سنة) التي كانت تتبضع في السوق المركزي لشراء بعض المواد الأساسية وبعض اللحم لإعداد وجبة الإفطار، وبعد ملاحظة ارتفاع سعر كيلو اللحم الذي تجاوز 4500 ليرة سوريا (8 دولارات أميركية) فقد خفضت من الكمية، وأثناء الحديث معها ارتسمت علامات الحيرة على وجهها وهي تدفع النقود، لتقول: «لا نشتري اللحمة إلا في أطعمة محددة، اليوم آخذ بالوقية من أجل تغيير نكهة الطعام، عكس ما كنت عليه سابقاً حيثُ كنت أشتري اللحمة بالكيلوغرامات شهرياً». وأجبر ارتفاع أسعار اللحوم الأهالي على العزوف عن شرائها والاستعاضة عنها بمواد أخرى، كحال منير والذي يعمل موظفاً لدى «الإدارة الذاتية» ويتقاضى راتباً شهرياً مقداره 60 ألفاً (نحو 105 دولارات)، وقال: «لا نشعر بالبهجة بقدوم شهر رمضان كما درجت العادة، فارتفاع الأسعار وتقلبها منذ أيام حرمنا من وجبات كثيرة كنا نشتهي أكلها بهذا الشهر الفضيل». المصدر: الشرق الأوسط
Viewing all 773 articles
Browse latest View live